رؤوس الأموال تهرب إلى المشاريع الخدماتية وسط تنامي السياحة الداخلية

رؤوس الأموال تهرب إلى المشاريع الخدماتية وسط تنامي السياحة الداخلية
غزة- أحمد إبراهيم:
انتشرت في الآونة الأخيرة، ظاهرة تحول رؤوس الأموال في قطاع غزة، إلى المشاريع الخدماتية كالمطاعم،والمرافق الترفيهية، والمنتجعات والشاليهات السياحية، ومحلات الكوفي شوب الشبابية، جراء اشتداد الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع الساحلي منذ 8 سنوات.

وحرم الحصار الإسرائيلي معظم سكان قطاع غزة، وخاصة رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال،من التنقل والسفر إلى الخارج، لاستثمار أموالهم، ما دفعهم إلى الاستثمار في القطاع السياحي الذي بات يعتمد بشكل أساسي على السياحة الداخلية.

وشهد قطاع غزة، خلال السنوات الأخيرة الماضية نمواً ملحوظاً ترجم بضخ عشرات ملايين الدولارات في إقامة هذه المشاريع الخدماتية،لتشكل بديلاً للترفيه والسفر من أجل السياحة، للغزيين المحرومين من السفر، وملاذًا يمكنهم من الهروب من ضنك الحياة ومرارها بفعل الأزمات المتفاقمة.
وقال أحد المستثمرين في المشاريع الخدماتية أحمد رمضان: “إن أكثر ما تعانيه هذه المشاريع يتمثل بما تشهده من منافسة كبيرة في ظل ازدياد أعدادها بشكل مطرد خلال السنوات الاخيرة الماضية ما أدى إلى خفض عائدات الاستثمار فيها”.
وأوضح رمضان الذي يستثمر أمواله في مطاعم ومنتجعات مغلقة، أن بعض المشاريع بالكاد تغطي النفقات التشغيلية، وأخرى تحقق هامشاً من الربح بعد دفع أجور العاملين، لكن الاستثمار في هذه المجالات جيدٌ في ظل الحصار والإغلاق المتواصل منذ سنوات.
وقالفي تصريح لـ”الاقتصادية”: “قمت بضخ استثمارات كبيرة في أحد المشاريع السياحية،بعد أن وجدنا إقبال المواطنين عليه بشكل كبير، لكن الأوضاع السياسية المتردية في قطاع غزة مقلقة لرؤوس الأموال، وتدفعها إلى الهروب من قطاع غزة “.وأشار إلى تنامي الاستثمار في مشاريع السياحة الداخلية، وخاصة في السنوات الخمس الماضية.
مشاريع رائجة
مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية، د. ماهر الطباع، قال لـ”الاقتصادية”: “مع استمرار الحصار وإغلاق المعابر نمت وراجت المشاريع الخدماتية وخاصة السياحيةفي قطاع غزة، نتيجة لانتشار ظاهرة السياحة الداخلية بين المواطنين، وتوجه رجال الأعمال وأصحاب رؤوس المال إلى الاستثمار الداخلي”.
وأشار الطباع إلى انتشار المشاريع الخدماتية في قطاع غزة، متمثلة في الملاهي الترفيهية والشاليهات المغلقة والمنتجعات السياحية والمطاعم بكافة فئاتها من مطاعم شعبية أو مطاعم 5 نجوم، مؤكدًا أن هذا النوع من المشاريع يعتمد على ذاته ولا يتأثر بإغلاق المعابر.
وبين أن هذه المشاريع حققت نجاحات ملحوظة خلال الفترة السابقة، وكان العائد على استثمارها جيد رغم معاناتها من أزمات قطاع غزة، وخاصة أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي تؤثر سلبا على معظم المشاريع الاستثمارية،منوهًا إلى تحقيق جدوى اقتصادية كبيرة حال فتحت المعابر وسمح بحرية الحركة للمواطنين من وإلى غزة.
وأوضح الطباع أن بيئة غزة استثمارية في كافة المجالات وليس السياحي فقط, لكن العقبة التي تواجهها الإنشاءات الفلسطينية هي عجزها عن البدء في العمل بشكل فعلي، نتيجة منع الاحتلال دخول العديد من مواد البناء إضافة إلى غياب الاستقرار السياسي في المنطقة.
وأكد أن قطاع الخدمات مهم والاستثمار فيه يحقق جدوى اقتصادية على المدى القريب لأنه بعد أن أقيمت المنشآت فلا حاجة لها بالمعابر والمواد الخام بشكل مباشر، لكنه أوضح أن أثر المشاريع السياحية يبقى محدوداً في ظل فرض الحصار المفروض على غزة.
وأشار الطباع إلى خشية المستثمرين من فشل هذه المشاريع، نتيجة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة وعدم اتضاح الرؤية حتى الآن للوضع الفلسطيني.
وأظهرت إحصائيات غير رسمية، أن السياحة الداخلية في قطاع غزة، مرتفعة عنها في الضفة الغربية، حيث تجاوزت في غزة إلى 15%.
وأضافمدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية،أن إقامة المشاريع السياحية تساهم في توليد عدد من فرص العمل للعاطلين عن العمل, كذلك تساعد على تفعيل دورة رأس المال في النشاط الاقتصادي باعتبار قطاع السياحة قطاعاً خدماتياً ويحتل 65% من النشاط الاقتصادي.
حالة ضبابية
الباحث في الشؤون الاقتصادية، عبد الرحمن الفار، بدوره، أكد تنامي القطاع الخدماتي خلال السنوات الخمس الماضية، بشكل أكبر من النمو في القطاع الإنتاجي أو السلعي في الأراضي الفلسطينية، مشيرًا إلى نمو القطاع الخدماتي بمتوسط سنوي مقداره 5%.
وأوضح في تصريح لـ”الاقتصادية”، أن حالة من الضبابية تسود في قطاع غزة حول البيانات الرسمية الدقيقة التي تقدر حجم القطاع الخدماتي، لكنه استدرك بالقول: “يبدو واضحًا وجود نمو مضطرد في القطاع الخدماتي والذي في الغالب كان على شكل منتجعات ترفيهية وأخرى للسياحة الداخلية، علاوةً على التطور الطبيعي والمتضمن في الحسابات القومية الرسمية مثل النمو في خدمات القطاع المصرفي والمالي والخدمات الفندقية وخدمات تكنلوجيا المعلومات”.
وشدد الفار على ضرورة الفصل ما بين التوجهات الجديدةمثل المدن الترفيهية والمنتجعات السياحية أياً كان حجمهاوالتوجهات التطويرية لمشروعات قائمة مثل الخدمات الفندقية والمالية والمصرفية وخدمات تكنلوجيا المعلومات، وذلك عند الحديث عن أشكال تطور قطاع الخدمات في غزة.
وأوضح أن هذه المشروعات غالبًا لا تخضع بشكل كامل إلى الرقابة الحكومية،وشأنها شأن أي مشروع صغير أو متوسط يعمل في غزة، في اقتصاد الظل ويتهرب من السجلات الرسمية.
وأرجع ذلك إلى أسباب عدة منها: الاهتمام العالمي المتزايد بقطاع الخدمات نتيجة زيادة الطلب عليه، وتميز قطاع الخدمات عن القطاع الإنتاجي بأنه يعتبر من المشروعات كثيفة رأس المال على حساب العمل، وبالتالي يُمكن المستثمر أو صاحب رأس المال من السيطرة على مشروعه.
وبين أن “القطاعات الخدماتية لا تتطلب المخزون والمخزن،خاصة وأن الخدمات المقدمة غالبًا هي سلع غير ملموسة، كما أن القطاع الخدماتي في بعض الأحيان لا يتطلب وجود سوق مادي بل سوق افتراضي غير ملموس، وفارق إضافي أن السلعة النهائية في القطاع الخدماتي تقدم عند طلب الزبون لها بينما في القطاع الإنتاجي تنتج السلعة ثم تعرض ليخلق الطلب عليها وبالتالي فإن القطاع الخدماتي يكون أكثر أمناً من حيث تلف السلع أو تحمل تكاليف انتاجية أكبر”.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -