أصحاب المنازل المدمرة في غزّة يخشون بقاء "الغرف المتنقلة"

أصحاب المنازل المدمرة في غزّة يخشون بقاء "الغرف المتنقلة" 
غزة ـ عبد الرحمن الطهراوي
على أنقاض المنازل المهدّمة في العديد من مناطق قطاع غزة، جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي قبل عام، لا تزال بعض الكرفانات (منازل متنقلة) قائمة على الركام، بينما يخشى أصحاب المنازل المهدمة من استمرار هذا الوضع وأن تظل الكرفانات حلاً دائماً، دون إعمار ما دمّره الإسرائيليون.
وبجانب هذه الكرفانات، ما تزال الخيام تؤوي عشرات الآلاف. فلا تزال أقدام الحاج الفلسطيني يوسف جندية، تتعثّر بأكوام الحجارة المتناثرة حول خيمته، التي نصبها بجوار منزله المدمر، في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، نتيجة بقاء ركام المنزل على حاله دون إزالة.
ويشتكي جندية (53 عاماً)، من تأخر عملية إعادة إعمار منزله المكوّن من أربعة طوابق، والذي كان يأوي سبع عائلات، خلافاً للوعود المختلفة التي سمعها من عدة جهات داخلية وخارجية، بقرب انطلاق مسيرة الإعمار وترميم مكونات البنية التحتية المتهالكة، بفعل سنوات الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو تسع سنوات.

وتعرّض قطاع غزة، في الثامن من يوليو/ تموز 2014، لحرب إسرائيلية استمرت لمدة 51 يوماً، استشهد خلالها نحو 2162 فلسطينياً وأصيب الآلاف.
وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة، ناجي سرحان، ذكر لـ"العربي الجديد"، أن عملية إعادة الإعمار الجدية لم تنطلق بعد، ولكن من المتوقع أن تبدأ خلال الأشهر القليلة القادمة، وذلك بعد موافقة الجانب الإسرائيلي على آلية جديدة لإدخال مستلزمات البناء لأصحاب المنازل المدمرة كلياً.
وأوضح سرحان أن الإحصائيات النهائية لعملية حصر الأضرار وحجم الدمار الناتج عن الحرب الإسرائيلية، أشارت إلى أن قرابة 12 ألف وحدة سكنية تعرضت لتدمير كلي، ونحو 158 ألف وحدة أصيبت إما بأضرار بليغة لا تصلح للسكن أو جزئية بحاجة إلى إصلاح وبعض الترميمات العاجلة.
وأشار إلى أنه منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية، دخل إلى غزة نحو 447 ألف طن من مواد البناء (الحديد والإسمنت والحصمة)، مبيّناً أن مرحلة إزالة الركام بشكل كلي ستنتهي مع مطلع العام القادم 2016، وذلك بعد إزالة 370 ألف طن من أصل مليون ونصف المليون طن من ركام الحرب.
وحول عملية الإعمار وترميم المنازل، قال سرحان إن ترميم المنازل التي دمرت كلياً لم تبدأ، فيما جرى تسليم 72 ألف شخص ممّن دمرت منازلهم جزئياً مساعدات مالية لكي يعمروا ممتلكاتهم، بجانب العمل على ترميم 1400 وحدة من خلال منح قدمتها بعض الجهات العربية.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترفض بشكل قاطع إدخال مواد البناء إلى غزة، منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، بداعي استخدامها في عمليات معادية، ولكنها سمحت خلال سنوات الحصار بإدخال كميات قليلة من مواد البناء لصالح المشاريع الدولية والإنسانية العاملة داخل القطاع.

اقرا أيضاً: انطلاق إعادة إعمار غزة

واعتبر الخبير الاقتصادي ومسؤول العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية في غزة، ماهر الطباع، أن عجلة إعمار قطاع غزة لم تتحرك إطلاقاً، مبيّناً أن المؤشر الحقيقي لانطلاق عملية الإعمار هي بناء المنازل المدمرة كلياً وإرجاع الناس إلى منازلهم.
وقال الطباع، لـ"العربي الجديد"، إن الحرب الإسرائيلية الأخيرة، والتي جاءت بعد نحو ثماني سنوات من الحصار المشدد، عطّلت مناحي الحياة كافة، الأمر الذي يستلزم رفع الحصار بشكل فوري وإدخال جميع متطلبات السكان دون قيد أو شرط.
وأشار إلى أن مواد البناء التي دخلت إلى غزة حتى الآن، لا تكفي لنحو 15 يوماً ضمن متطلبات عملية الإعمار الفعالة التي تحتاج لإدخال عشرة آلاف طن يومياً من الإسمنت فقط، الأمر الذي يتطلب زيادة القدرة الاستيعابية لمعبر كرم أبو سالم التجاري، جنوب شرق القطاع، نتيجة استمرار إغلاق المعابر الأخرى.
وترتبط غزة بستة معابر، أغلق الاحتلال نصفها، وهي معبر المنطار، الذي دمره الاحتلال أواخر شهر مارس/ آذار2011 وكان يعتبر من أكبر المعابر التجارية، والشجاعية، وصوفا، في حين ما زال يعمل بقدرات محدودة معبر كرم أبو سالم، ومعبري إيرز، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، ورفح مع الجانب المصري، المخصصين للأفراد.
وحذر الناطق الإعلامي باسم الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار، أدهم أبو سلمية، من انفجار سكان غزة في وجه كافة الأطراف التي تعمل على تشديد الحصار وتأخر عملية البناء، مبيّناً أن خطة الأمم المتحدة لإعمار غزة جاءت لتجميل الحصار الإسرائيلي وإطالة أمده لسنوات طويلة برعاية أممية.
وأوضح أبو سلمية، لـ"العربي الجديد"، أن نحو 100 ألف مواطن يعيشون بلا مأوى، بعدما هدمت بيوتهم، وكذلك 18 ألف عائلة تعيش في أوضاع حياتية صعبة داخل الشقق التي استأجرتها أو الكرفانات التي لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، بجانب الخيام التي نصبتها العائلات بجوار منازلهم المدمرة.
ولفت أبو سليمة إلى أنه في حال استمرار الأوضاع الحياتية داخل القطاع على حالها، فإن عملية إعمار ما دُمّر في الحرب الأخيرة فقط، ستتطلّب أكثر من 20 عاماً، مشدداً على أن حكومة التوافق الوطني لم تبذل جهوداً حقيقية لإعمار غزة وحل مشاكلها المختلفة، نتيجة وجود قرار سياسي يفرضه الرئيس محمود عباس.
وقال رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار، جمال الخضري، إن عملية الإعمار الجادة مرهونة بفك الحصار بشكل كامل وفتح المعابر وكذلك إيفاء الدول المانحة بتعهداتها المالية.
وأضاف الخضري، لـ"العربي الجديد"، أن "الأوضاع المعيشية لسكان القطاع تزداد خطورة، في ظل ارتفاع مؤشرات الفقر لنحو 70% وكذلك تدمير مئات المنشآت التي كانت تعتبر مصدر دخل لمئات العائلات، الأمر الذي أدى إلى وصول معدلات البطالة لدى مختلف الشرائح المجتمعية لقرابة 50%".
وتعهّدت الدول المشاركة في مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار غزة، الذي انقعد في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2014، بتقديم 5.4 مليارات دولار، خصص منها 2.6 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع، والمبلغ المتبقي خصص لدعم الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية خلال السنوات القليلة القادمة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -