إسرائيل تُجمّل حصارها لغزّة

إسرائيل تُجمّل حصارها لغزّة
غزة - الوطن- جهاد مصطفى

في محاولة لـ«تجميل» الحصار المفروض على قطاع غزّة، من قبل السلطات الإسرائيليّة، تدّعي الأخيرة أنها بدأت إدخال بعض «التسهيلات» على عمل المعابر التجاريّة التي تربط القطاع بالأراضي الفلسطينيّة المحتلّة «إسرائيل»، من خلال زيادة عدد الشاحنات التي تدخل إلى القطاع بشكل يومي، إضافة إلى سماح تصدير بعض البضائع من القطاع إلى أسواق الضفّة الغربيّة. 
إلا أن مسؤولين في هيئة المعابر، وخبراء اقتصاديّين، قللوا في أحاديث منفصلة لـالوطن من قيمة ما أسمته إسرائيل تسهيلات تجاريّة لسكان قطاع غزّة، مؤكدين أن الأمر لا يتعلّق بعدد الشاحنات التي تدخل إلى القطاع من خلال معبر كرم أبوسالم، وإنما بماهيّة المواد التي تحملها تلك الشاحنات، لاسيّما أن إسرائيل مازالت تحتفظ بقائمة سوداء من المواد المحظور إدخالها إلى القطاع منذ تولّي حركة حماس الحكم عام 2006 م.

وكان رئيس هيئة المعابر الإسرائيليّة، كميل أبوركن، قد قال في مؤتمر صحفي عُقد في معبر كرم أبوسالم، الواقع على الحدود بين غزة وإسرائيل ومصر، إن إسرائيل سهلت خلال الأشهر الأخيرة من دخول الشاحنات المحملة بالبضائع إلى قطاع غزة.

وأوضـــــح قائلاً: «نســــمح بدخـــول 550 شــــــاحنة محملة بالبضائع يومياً، بزيادة تفوق 11 % عن عام 2014م، وإذا ما استلمت السلطة الفلسطينية معابر غزة؛ فسنقدّم المزيد من التسهيلات».

وفي ما يتعلّق بالبضائع التي تمنع إسرائيل إدخالها إلى القطاع، ومنها مواد البناء، قال منسق نشاطات الحكومة الإسرائيلية، يوآف مردخاي: «نفرض قيوداً مشددة على المواد التي من الممكن أن تستخدمها حماس في تصنيع الأسلحة وحفر الأنفاق».

وأشار مردخاي إلى الاتفاقية التي وقّعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة ممثلة بروبرت سيري، وقال «الاتفاقية تنص على ضمان عدم وصول مواد البناء إلى حركة حماس، واستخدامها في تصنيع الأسلحة».

ويعتبر «معبر كرم أبوسالم» المعبر التجاري الوحيد الذي تدخل منه البضائع والوقود إلى قطاع غزة، وتغلقه سلطات الاحتلال يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع.

من جهته، قال المحلل والخبير الاقتصادي ماهر الطبّاع، إنّه لا صحّة لما تُسميه إسرائيل «إدخال تسهيلات على حركة البضائع المُدخلة إلى قطاع غزّة»، لافتاً إلى أن الزيادة التي حصلت في عدد الشاحنات هي جميعها شاحنات خاصة بمشاريع البناء الدوليّة في قطاع غزّة، وليست شاحنات مُحمّلة بمواد أخرى، خاصة تلك التي تمنع إسرائيل إدخالها للقطاع، ومنها مواد البناء.

وأوضح لـ الوطن أنّ القدرة الاستيعابية والبنية التحتية لمعبر كرم أبوسالم، وآلية التشغيل المنتهجة فيه؛ لا تستحمل بدخول أكثر من 600 شاحنة يومياً، مشدداً على أنّ «المشكلة ليست في عدد الشاحنات، وإنما ما هي السلع المسموح دخولها لقطاع غزة؟».

وذكر أن قطاع غزّة، البالغ عدد سكانه حوالي مليون وثمانمائة ألف نسمة، بحاجة إلى ما يُقارب ألف شاحنة مُحمّلة بمختلف البضائع بشكل يومي، فيما تسمح إسرائيل بمرور 400-450 شاحنة فقط، وتتحكّم في نوعية البضائع المسموح بها، إضافة إلى تقليص عدد ساعات وأيام عمل معبر كرم أبوسالم التجاري الوحيد بين القطاع وإسرائيل.

وطالب الخبير الاقتصادي الطبّاع، بإدخال تسهيلات حقيقية على كافة الواردات إلى قطاع غزّة، دون التقيّد بكميّة أو نوع، وإلغاء قائمة البضائع السوداء المحظور إدخالها للقطاع، لافتاً إلى أن «المطالبة ليست بعدد الشاحنات، إنما بماهيّة البضائع».

في الإطار، قال حسين عبدربه، وهو سائق شاحنة في معبر كرم أبوسالم، إنّ إسرائيل تحاول خداع المجتمع الدولي بإيهامه أنها تُدخل تسهيلات على البضائع المُدخلة إلى قطاع غزّة، وفي الحقيقة هي مازالت تمارس الحصار على القطاع بشكل أحكم من السابق، ولكن تسعى لتنظيمه وتجميله بتسهيلات كاذبة. على حد وصفه.

وأضاف لـ الوطن: «إذا كانت إسرائيل تريد إدخال تسهيلات إلى قطاع غزة؛ فلماذا مازالت تمنع دخول العديد من السلع إلى قطاع غزة، ومنها مواد البناء بأنواعها ومواد كثيرة أخرى».

وتمنع السلطات الإسرائيليّة إدخال العديد من البضائع إلى قطاع غزّة، ومنها مواد البناء، منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعيّة عام 2006، وشددت إسرائيل الحصار على القطاع في العام التالي، إثر سيطرة الحركة على القطاع بالقوّة.

في سبتمبر عام 2013م، سمحت إسرائيل بإدخال كميات محدودة من مواد البناء لغزّة، لكنها عادت ومنعت دخولها من جديد، بدعوى اكتشاف نفق يتبع للمقاومة بين قطاع غزّة والأراضي المحتلّة، إذ اتهمت إسرائيل حركة حماس باستخدامها مواد البناء في بناء تحصينات عسكرية، وأنفاق أرضية، ومنذ ذلك الحين لم تدخل مواد البناء لغزّة، رغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير نصّ على استئناف إدخالها.

وتوصّل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، في السادس والعشرين من أغسطس الماضي، إلى هدنة برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع قطاع غزة بشكل متزامن. 

وجاءت هذه الهدنة بعد حرب شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من يوليو الماضي، واستمرت 51 يوماً، أسفرت عن استشهاد 2150 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، فضلاً عن تدمير الآلاف من المنازل، بحسب إحصاءات فلسطينية رسمية
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -