مراقبون: انفجار غير محسوب العواقب قد يحدث في غزة بفعل الخنق الاقتصادي لسكانها

مراقبون: انفجار غير محسوب العواقب قد يحدث في 
غزة بفعل الخنق الاقتصادي لسكانها
بقلم : اسامة راضي وعمر العثماني
غزة 19 فبراير 2015 (شينخوا) يعتقد مراقبون ومختصون أن قطاع غزة قد ينفجر بشكل غير محسوب العواقب بفعل تصاعد مؤشرات الخنق الاقتصادي على سكانه بعد ستة أشهر من جولة العنف الدامية الأخيرة مع إسرائيل.
وتضررت أكثر من خمسة آلاف منشأة اقتصادية ودمرت 500 منها بشكل كلي في هجوم عسكري شنته إسرائيل لمدة 50 يوما متواصلة على قطاع غزة في يوليو وأغسطس الماضيين.
وإثر الهجوم تعهدت الدول المانحة بجمع مبلغ 5.4 مليار دولار للفلسطينيين على أن يخصص نصفه لصالح إعادة إعمار قطاع غزة خلال مؤتمر دولي عقد في القاهرة في 12 من الشهر الماضي.

لكن عمليا لم يتم حتى الآن المباشرة بمشاريع إعادة الإعمار باستثناء ترميم منازل متضررة جزئيا، فيما يقول مسؤولون فلسطينيون ومنظمات دولية إن ما وصل من تمويل دولي للإعمار في القطاع لا يتجاوز 2 في المائة.
ويدفع استمرار تعطيل إعادة إعمار قطاع غزة بعد هدم آلاف المنازل السكنية ودمار هائل في البني التحتية حتى الآن بمصاعب اقتصادية حادة وارتفاع قياسي في معدلات البطالة والفقر.
ويصف الخبير الاقتصادي والمسؤول في الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع لوكالة أنباء ((شينخوا)) وضع الاقتصاد المحلي في غزة، بأنه "في حالة موت سريري ومرحلة تعد الأسوأ منذ عقود".
ويقول الطباع إن قطاع غزة يواجه "كسادا تجاريا غير مسبوق وتوقفا شبه كلي لمختلف الأنشطة التجارية نتيجة استمرار الحصار وتعطيل إعادة الإعمار حتى الآن بما يضمن استئناف عمل المنشآت الاقتصادية المتضررة ".
وتقدر معدلات البطالة في صفوف سكان قطاع غزة البالغ عددهم زهاء مليون و800 ألف نسمة، بـ55 في المائة، والفقر بـ 65 في المائة، فيما تقدر نسبة انعدام الأمن الغذائي لديهم بأكثر من 60 في المائة.
ويشير الطباع إلى أن انعدام القدرة الشرائية وأزمات نقص الخدمات الأساسية تهددان بنسبة انكماش اقتصادي وتراجع في النمو في قطاع غزة قد تصل إلى 15 في المائة بحسب معطيات صندوق النقد الدولي.
وفاقمت الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية من تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة خصوصا لنحو 70 ألف موظف يتلقون رواتبهم منها.
وأجبرت السلطة على صرف 60 في المائة فقط من رواتب موظفيها للشهرين الماضيين بسبب حجز إسرائيل الضرائب المستحقة لها منذ مطلع العام الجاري.
وجاءت الخطوة الإسرائيلية ردا على توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وثائق للانضمام إلى 20 منظمة دولية أبرزها المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 31 من ديسمبر الماضي.
ووفقا للاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تجمع إسرائيل الضرائب للفلسطينيين وتحولها بعد ذلك إلى وزارة المالية الفلسطينية وتقدر بأكثر من مليار دولار سنويا.
وفي موازاة ذلك تستمر أزمة عدم صرف رواتب نحو 45 ألف موظف عينتهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في حكومتها المقالة السابقة في قطاع غزة ولم يتم حل ملفهم من قبل حكومة الوفاق الوطني حتى الآن.
وتتهم حماس حكومة الوفاق التي شكلت مطلع يونيو الماضي بالتنكر لصرف رواتب موظفي حكومتها السابقة الذين عينوا بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة منتصف عام 2007.
في المقابل تشتكى حكومة الوفاق من عدم تمكينها من بسط سيطرتها على قطاع غزة مدنيا وأمنيا واستلام معابر القطاع حتى الآن.
وتولت حكومة الوفاق في مرة وحيدة صرف رواتب لموظفي حكومة حماس السابقة نهاية أكتوبر الماضي بتمويل من قطر، وأعلنت حينها تشكيل لجنة إدارية لبحث دمجهم ضمن موظفي السلطة الفلسطينية.
وتزيد أزمة الرواتب للموظفين الحكوميين من الانعدام في القدرة الشرائية لدى سكان قطاع غزة في ظل معاناته أصلا من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ثمانية أعوام.
ويقول مدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات في غزة فضل أبوهين ل((شينخو))، إن الوضع المزاجي لسكان القطاع "بات سيئا جدا ويغلب عليه العصبية والضيق بما يهدد بتفاقم تدهور الأوضاع النفسية والاجتماعية".
وينبه أبوهين إلى أن "الخنق الاقتصادي الحاصل على قطاع غزة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة يوفر أرضية خصبة للعنف والسلوك غير المتزن عوضا عن الانحراف الأخلاقي والاجتماعي".
واعتبر أن قطاع غزة "يواجه حاليا مرحلة تجويع وتضييق تنذر بنتائج خطيرة خاصة في ظل عدم قدرة أرباب العائلات على توفير أدنى متطلبات حاجيات أبنائهم وانعدام أفق المستقبل أمام الشباب والخريجين ".
وسبق أن حذر مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة روبرت تيرنر من تجدد الصراع في القطاع بسبب استمرار تعثر إعادة الإعمار وحدوث انفراجة اقتصادية لسكانه.
وقال تيرنر بهذا الصدد "سكان غزة غاضبون ومحبطون ونحن نتفهم ذلك لأن وضعهم العام مزري جدا، لذا نحن قلقون بشأن تطورات الأوضاع في المستقبل القريب واحتمال تجدد الصراع واردة جدا".
وكان يؤمل عقب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة أن يضع حدا لشدة الحصار الإسرائيلي المفروض عليها خصوصا ما يتعلق بفتح المعابر وإدخال تسهيلات على سير الاستيراد والتصدير.
غير أن مسؤولين فلسطينيين يقولون إن قيود إسرائيل مستمرة، والمعبرين اللذين يربطاها مع قطاع غزة لم يشهدا سوى تسهيلات مقلصة لا تساهم في انفراجة حقيقية للأوضاع الاقتصادية المتدهورة بشدة.
كما أن معبر رفح البري مع مصر الذي يعد المنفذ الوحيد لغزة على العالم الخارجي مغلق منذ أكتوبر الماضي باستثناء فتحه لأيام محدودة أمام سفر حالات إنسانية على خلفية التوتر في شبه جزيرة سيناء المصرية وهو ما يزيد من مصاعب سكان القطاع.
ويعتبر المحلل السياسي من غزة مصطفى الصواف ل((شينخوا))، أن تشديد حصار غزة وتدهور أوضاعها الاقتصادية "يعزز فكرة الانفجار الذي قد يحدث في أي وقت كرد على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية".
ويرى الصواف أن ما يجري عمليا هو "حشر شديد" لسكان قطاع غزة في الزاوية جعلهم بلا أي أفق لانتظار حياة كريمة "وهو ما ينذر بردة فعل عنيفة وانفجار شامل لا يمكن توقع تداعياته".
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -