تجار غزة يتوعدون ما لم تتراجع مالية غزة عن ضريبة رسوم التعلية

تجار غزة يتوعدون ما لم تتراجع مالية غزة عن ضريبة رسوم التعلية 
غزة حامد جاد
يعتزم تجار ومستوردون لمنتجات وبضائع مختلفة من الأسواق الخارجية المشاركة في سلسلة فعاليات احتجاجية على الإجراءات الضريبية التي اتخذتها وزارة المالية في غزة بحقهم مؤخراً تحت مسمى دفع رسوم تعلية على سعر البضائع التي يستوردونها من الخارج، وفي الوقت الذي كشف فيه أحد التجار المعنيين والمتابعين لهذه القضية لـ الحدث النقاب عن طبيعة هذه الإجراءات الاحتجاجية التي يعتزم المستوردون اتخاذها الأسبوع المقبل في حال عدم تراجع وزارة المالية في غزة عن قرارها القاضي بتحصيل رسوم ضريبية إضافية، أكد مدير عام دائرة الجمارك والمكوس السابق عدم قانونية هذه الرسوم الضريبية التي يتم جبايتها وفق آلية غير معمول بها في أي دولة في العالم.   
ضريبة إضافية تعني أن هناك حكومتين

محمد فرج الله عيسى الذي شغل منصب مدير عام الجمارك والمكوس السابق لدى السلطة الفلسطينية، اعتبر أن كل ما يحدث في غزة من جباية ضرائب تحت مسميات مختلفة غير قانوني انطلاقاً من عدة أسباب أولها المرسوم الرئاسي القاضي بإعفاء أهالي غزة من الضرائب الذي أصدره الرئيس محمود عباس عقب سيطرة حماس على غزة في منتصف حزيران عام 2007  حيث أعفى في حينه أهالي غزة من دفع الضرائب، وفي ذات الوقت توقف موظفو الضريبة في غزة عن ممارسة وظائفهم  بموجب القرار نفسه، بينما هم، في إشارة منه إلى حكومة غزة السابقة، قاموا بتعيين موظفين كبديل لهم، أما السبب الآخر والحديث لعيسى فيتمثل بعدم قانونية إجراء فرض ضريبة على المستورد فور وصول بضائعه إلى المعبر وقبل أن يقوم بتسويقها، حيث من الممكن ألا يتمكن من بيع ما استورده كلياً أو يتعرض لخسارة ما، هذا بالإضافة إلى أن جباية الضرائب هي في الأصل من اختصاص حكومة التوافق فقط، ولدى قيام وزاراة المالية في غزة منفردة بجباية الضرائب التقديرية تحت مسمى رسوم التعلية، فإن ذلك يعني أن هناك حكومتين.
 
تبني آلية جباية غير منطقية

وقال عيسى: "هناك خطأ قانوني آخر وممارسات غير منطقية، فعندما يفرضون ضريبة على سبيل المثال بقيمة أربعة آلاف شيكل على حاوية (كونتير) محملة بالملابس المستوردة أو ثلاثة آلاف على حاوية محملة بالبسكويت أو السكاكر، فكيف يتم تحديد هذه الضريبة على الحاوية؟ حيث من الممكن أن يكون بداخلها ملابس مستوردة منخفضة الثمن وقيمتها الإجمالية مثلاً عشرين ألف شيكل، وفي ذات الوقت يمكن أن يكون بداخل الحاوية ملابس مستوردة مرتفعة الثمن بقيمة 500 ألف شيكل، فأين المنطق في فرض هذه الضريبة على سلع متباينة القيمة، وهذا ينسحب على واردات غزة من المواد الغذائية، حيث يفرض على الحاوية ثلاثة آلاف شيكل سواء كان بداخلها بسكويت مستورد من تركيا مثلاً أو شوكولا وسكاكر مستوردة من سويسرا، فهذا أمر غير مقبول وغير معمول به على الإطلاق في أي دولة من دول العالم، فالضريبة لا تفرض على حمولة الحاويات بشكل مجرد، بل تفرض على قيمة البضائع، وذلك بطبيعة الحال عندما تكون الجباية قانونية أصلاً".
 
وأضاف عيسى في معرض تعقيبه على ما أكدته وزارة المالية في غزة بشأن قانونية جباية رسوم التعلية بقوله: "بالنسبة للصيغة الواردة في نظم الجباية المعمول بها منذ زمن الاحتلال التي تستند إليها وزارة المالية في غزة، فهي لا ترتقي إلى مستوى القانون، بل إنها نظام ضريبي تم تطبيقه من قبل إدارة الحاكم العسكري الإسرائيلي الذي لجأ إلى استخدام هذا النظام المفروض إبان الانتداب البريطاني، وبالتالي استغل الاحتلال هذا النص وفرض ما يعرف بنظام الضريبة المضافة التي أسموها بالمكوس".
 
وتساءل: "هل تعد جباية هذه الضريبة استمراراً لنظام الجباية الذي كان معمولاً به منذ حكم المندوب السامي ثم الاحتلال؟ وهل يحق لأي جهة غير الحكومة فرض هذه الضريبة؟ فالآن لدينا حكومة وفاق وطني، وهي من المفترض أن تقوم بجباية الضرائب وفق القانون، ولا يحق حتى لوزير المالية نفسه أن يفرض ضريبة التعلية رغم أنها ضريبة لا تخالف القانون، وإسرائيل قامت بتطبيقها، ولكن على شريحة المكلفين المشكوك بصدقية وصحة فواتير مشترياتهم، حيث يقدم البعض منهم فاتورة بضائعه المستوردة بسعر بضاعة أقل من قيمتها الفعلية، وبالتالي يحق فرض رسوم تعلية ولكن من قبل الجهة المختصة".
  
خطوات تصعيدية 

أما ناصر الحلو رئيس اللجنة الاقتصادية في غرفة تجارة غزة، فأشار إلى أن وفداً من التجار المستوردين التقوا الأسبوع الماضي مع وكيل وزارة الداخلية في غزة كامل ماضي وأطلعوه على صورة الوضع وموقفهم الرافض للتعاطي مع الضريبة المذكورة، مبيناً أن ماضي تعهد لهم بنقل موقفهم للجهات ذات العلاقة للخروج بحل لهذه القضية.
 
ولفت الحلو إلى أن اللجنة عقدت السبت الماضي اجتماعاً في مقر الغرفة لبحث ومناقشة قضية رسوم التعلية، ومن المفروض أن يتم اعتباراً من الأسبوع القادم اتخاذ خطوات تصعيدية ما لم يتم التوصل إلى حلول مرضية للتجار والمستوردين، سيما وأنه "الحلو" أحد المستوردين الذين تعرضوا لحجز كميات من بضائعهم على المعبر وتلقى إشعارات بدفع قيمة رسوم التعلية المفروضة على البضائع التي تستوردها شركته.
 
وقال الحلو: "نحن ننظر للموضوع بخطورة، فمنذ عودة السلطة بدأت اتجاهات تحرير الوكالات التجارية من المستورد غير المباشر الذي كان يتعامل مع التاجر الإسرائيلي إلى المستورد المباشر، ولكن مؤخراً بدأنا نشهد العودة مجدداً إلى الاستيراد غير المباشر عبر الوسيط الإسرائيلي كي يتجنب التجار هذه الضريبة التي لا تفرض إلا على التاجر الذي يستورد مباشرة وليس على من يستورد عبر تاجر إسرائيلي، لذا ننظر إلى ما يحدث بقلق، الأمر الذي دفع البعض من التجار إلى التفكير باتخاذ إجراءات تصعيدية، فهناك من يعتزمون تنظيم وقفة احتجاجية لمئات التجار قبالة مقر وزارة المالية في غزة، وهناك توجه بعقد مؤتمر صحفي لإيصال صوتهم، وبعض التجار يعتزمون وضع شاحناتهم على مدخل معبر كرم أبو سالم وإغلاقه احتجاجاً على هذه الضريبة، وهذا بحد ذاته يهدد الأمن والاستقرار المعيشي للمواطنين وحقهم في وصول المواد الغذائية والمحروقات ومختلف السلع، حيث لا يملك أحد الحق بمنع دخول هذه المستلزمات والتحكم بإغلاق المعبر".
 
وأكد الحلو أن عدداً محدوداً من التجار المستوردين قاموا بدفع ما طلب منهم من مبالغ مالية بشكل مباشر، وذلك بعد أن وجدوا أن قيمة المبالغ المطالبين بدفعها أقل مما كانوا يدفعونه للوزارة ذاتها قبل قرارها الأخير القاضي بتحصيل الضريبة المذكورة بمجرد وصول البضائع المستوردة إلى المعبر، بينما غالبية التجار يرفضون الدفع.
 
وحذر الحلو من خطورة التداعيات المترتبة على جباية رسوم التعلية في ظل ما تعيشه سوق غزة من تراجع في القدرة الشرائية ومن حصار وبطالة وعدم صرف رواتب لآلاف الموظفين وارتفاع سعر صرف الدولار بنسبة 17%، ما ألحق خسارة في صفوف العديد من المستوردين الذين لم يستطيعوا رفع قيمة البضائع التي يستوردونها نتيجة ارتفاع أسعار الدولار.
  
ازدواج ضريبي

وحول اللغط القائم بشأن الإجراءات الضريبية الأخيرة في غزة ودور وزير المالية في حكومة الوفاق الوطني من تلك الإجراءات، اعتبر د. ماهر الطباع المهتم بمتابعة الشأن الاقتصادي أن أي إجراءات ضريبية جديدة ستنعكس بالسلب على المواطن المحاصر في قطاع غزة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام القدرة الشرائية لدي العديد من المواطنين.
 
ورأى الطباع أنه من غير المقبول في ظل وجود حكومة الوفاق الوطني أن تختلف رسوم ترخيص المركبات بين الضفة الغربية وغزة، حيث أن رسوم ترخيص المركبة الملاكي "الديزل" في الضفة الغربية مشابهة لرسوم ترخيص المركبة البنزين وهو في حدود 660 شيكلاً، أما في قطاع غزة فيبلغ ترخيص المركبة الديزل الملاكي 2100 شكيل، متسائلاً في هذا السياق عن دور وزير النقل والمواصلات في حكومة الوفاق من توحيد الإجراءات والرسوم الخاصة بوزارته بين شطرى الوطن.
 
وقال الطباع الذي زود الحدث بنسختين مختلفتين عن ترخيص مركبته: "هذا مجرد مثال بسيط على ما يعانيه المواطن في قطاع غزة الذي يدفع ثمن الانقسام ويدفع ثمن الحصار، فحتى هذه اللحظة وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة الوفاق، لم يتم توحيد القوانين والإجراءات بين الضفة الغربية وقطاع غزة فعندما تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني توقع المواطنون أن تقوم تلك الحكومة بمعالجة ازدواجية واختلاف القرارات والقوانين والتشريعات والإجراءات والضرائب والجمارك واللوائح والأنظمة بين الضفة الغربية وغزة، حيث تنامت هذه الإجراءات غير القانونية خلال فترة الانقسام وأثرت سلباً على القطاع الخاص في غزة وساهمت في إضعافه وحدت من نموه وتطوره وكان لها الأثر الأكبر على الشركات الكبرى التي لها علاقة بين الجانبين، مثل البنوك وشركات التأمين والشركات المساهمة العامة وبعض الشركات المساهمة الخصوصية، لكن للأسف الشديد لم يحدث أي شئ وبقى المواطن في قطاع غزة هو المتضرر الأول من بقاء الحصار وعدم الوفاق".
 
وكانت دائرة الجمارك لدى وزارة المالية في غزة فرضت على التجار المستوردين للبضائع والسلع المختلفة من الأسواق الخارجية، ضريبة إضافية تحت مسمى "رسوم تعلية" التي يقصد بها تعديل السعر المعلن من قبل المستورد للسلع التي يستوردها بسعر آخر يتم التوافق عليه مع الدائرة تمهيداً لتحديد قيمة هذه الرسوم الضريبية التي ستجبيها عن عشرات السلع الواردة من الأسواق الخارجية إلى سوق غزة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -