صناعيو غزة يترقّبون الإعمار



صناعيو غزة يترقّبون الإعمار 

غزة ــ عبد الرحمن الطهراوي
8 أكتوبر 2014

منذ صيف العام 2006، بدأت علامات الانهيار تظهر بشكل تدريجي على القطاع الصناعي؛ بسبب الحصار الإسرائيلي الذي فرض على قطاع غزة في ذات العام، والاعتداءات العسكرية المتلاحقة ضده، رغم أن المنشآت الصناعية كانت تعاني من صعوبات قبل فرض الحصار، تتعلق بعدم القدرة على التسويق للخارج ونقص التمويل والافتقار إلى المواد الخام في السوق المحلي، بجانب النقص في المعدات التقنية وغياب التخطيط وعنصر التطوير عن القطاع الصناعي.وبلغت الخسائر المباشرة المترتبة على الأضرار الكلية والجزئية التي أصابت نحو 560 منشأة صناعية أثناء العدوان نحو 200 مليون دولار، وفقًا لتقرير أصدره الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية.
ويقول رئيس الاتحاد، علي الحايك، في حديث لـ"العربي الجديد": "إن القطاع الصناعي هو الأكثر تضرراً بين القطاعات الاقتصادية، فتسبب القصف في تدميرٍ كليٍّ وجزئيٍّ للعديد من المنشآت والمعدات والمواد الخام والجاهزة وقطع الغيار"، مشيراً إلى أن القطاع الخاص تكبد منذ عام 2006 ومروراً بعدوانيّ 2008 و2012 وحالات الاستهداف المختلفة ومنع الاستيراد والتصدير حوالي 11 مليار دولار.

وربط الحايك بين اشتداد الهجمة الإسرائيلية على المنشآت الاقتصادية، وبين الانجازات التي حققتها خلال السنوات الماضية والوصول إلى حالة من الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات، الأمر الذي لم يرق للاحتلال، فحاول تدمير الإنتاج الفلسطيني، لإبقائه تابعاً ومستورداً لصناعاته ضمن خطط ممنهجة ومعدة سلفاً، مبيناً أن القطاع الصناعي هو المشغل الأكبر للعمالة في غزة، وعصب الاقتصاد الوطني.

ويوضح الحايك أن أهمية إعادة إعمار المصانع والورش التي استهدفت خلال العدوان تكمن في إمداد القطاع بجميع حاجاته من المواد الإنشائية ودعم خطط الإعمار المرتقبة والمساهمة في تنفيذها، بجانب التقليل من نسبة البطالة التي ارتفعت بعد العدوان إلى نحو 60%، وإعادة نحو 10 آلاف عامل إلى أماكن عملهم التي فقدوها إثر العدوان خاصة في مصانع الإنشاءات التي نالت الجزء الأكبر من التدمير وتوقفت القدرة الإنتاجية لها خلال العدوان بشكل كامل.

يشار إلى أن وزير الاقتصاد الوطني في حكومة التوافق، محمد مصطفى، أعلن أواخر الشهر الماضي عن تشكيل لجنة مشتركة من القطاعين العام والخاص لتقييم القطاع الصناعي في محافظات غزة، ووضع رؤية استراتيجية تستجيب لحاجات هذا القطاع وفق الأولوية الضرورية، وتخلق نشاطاً صناعياً فعالاً وتعزز قدراته، مبيناً أن الحكومة تسعى حالياً لتوفير الظروف المواتية لتفعيل القطاع الصناعي وأجزاء أخرى من القطاع الخاص.

في ذات السياق، وصف الخبير الاقتصادي، مسؤول العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية في غزة، ماهر الطباع، البنية التحتية للقطاع الصناعي بـ"السيئة" بسبب حالة الإغلاق والقيود الإسرائيلية التي تكبد الحياة الاقتصادية وتسحبها إلى الهاوية منذ سنوات، ويقول "يهدف الاحتلال من وراء ضرباته المتكررة لمقومات الاقتصاد في غزة إلى تهجير رجال الأعمال والقضاء على أي فرصة للاستثمار أو النمو الداخلي، وتكريس التبعية للاحتلال"، موضحاً أن الأولوية في الإعمار يجب أن تكون للمصانع التي تضررت جزئياً.

وذكر الطباع، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أربعة عناصر لا بد أن تتضمنها أي خطة لتطوير القطاع الصناعي، على رأسها: إيجاد حل جذري لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي التي تؤثر بشكل رئيس على خطوط إنتاج المصانع، وإدخال متطلبات المنشآت الصناعية من دون قيود أو شروط، ورفع الحظر على إدخال المعدات والآلات، بجانب فتح مسارات التبادل التجاري مع العالم الخارجي.

وأشار الطباع إلى أهمية إعادة الحياة لمنطقة غزة الصناعية، والتي تم إنشاؤها في عام 1999، شرق حي الشجاعية شرق القطاع وتضم 45 مصنعاً في مجالات عدة، والتي كانت تشغل نحو 2500 عامل ولكن توقف العمل فيها عام 2007 نتيجة الحصار، إلا أن بعض المصانع عادت إلى العمل خلال السنوات السابقة بقدرات محدودة، وكذلك إقامة مناطق صناعية أخرى لاستيعاب العمالة الفلسطينية، وتوسعة المنطقة الصناعة في بلدة بيت حانون شمال القطاع.

من جانبه، شدد نقيب المقاولين في غزة، نبيل أبو معليق، على أهمية البدء بتأهيل المصانع التي تضررت خلال العدوان خاصة الإنشائية منها، والذي اعتبره شريان عملية إعمار القطاع. وأوضح بأن المصانع الإنشائية ترتبط بقطاعات متعددة أخرى كمنشآت تصنيع الأدوات الصحية والبلاستيكية، وكذلك في تنفيذ العديد من المشاريع الدولية الخاصة في الإسكان والبنية التحتية والتطوير، لذا سيقاس مؤشر الإعمار وسرعته بالخطوات الجدية في دعم القطاع الصناعي وتأهيل بنيته التحتية وتلبية احتياجاته، بما تناسب مع احتجاجات القطاع.

ولفت أبو معليق، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ المصانع والقطاع الإنشائي تعتبر من أكبر الحاضنات الداعمة في توفير فرص العمل وتحريك عجلة النمو في المجتمع المحلي والحد من ارتفاع نسبة البطالة، منوهاً إلى أن الاحتلال هدف من وراء استهداف "المنشآت الإنشائية" كمصانع الباطون والإسفلت والرخام والبلوك إلى إطالة أمد الإعمار ومضاعفة المشاكل الاقتصادية وتعقيدها.

ونبّه أبو معليق إلى أهمية تنفيذ خطة استراتيجية للنهوض بالقطاع الصناعي وإيجاد حل جذري للمشاكل التي يعاني منها، وتوفير ضمانات دولية تمنع الاحتلال من استهداف المنشآت الاقتصادية.

وذكر أن المنشآت الإنشائية تصدرت قائمة أكثر القطاعات الصناعية تضرراً، فبلغ عدد المنشآت التي أصيبت بشكل كلي وجزئي نحو 149، ثم المنشآت الخشبية 136 تليهما المنشآت المعدنية 92، بينما عدد المنشآت الصناعية التي أصيبت بتدمير كلي 213، بينما الجزئي منها نحو 347، ويتوقع أن يرتفع العدد الإجمالي لنحو 760مصنعاً.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -