تشاؤم فلسطيني إزاء تعهدات إعادة إعمار قطاع غزة

تشاؤم فلسطيني إزاء تعهدات إعادة إعمار قطاع غزة

من نضال المغربي ونوح براوننج غزة/رام الله (رويترز) - أغرقت الأمطار الغزيرة قطاع غزة لتنذر بقرب قدوم فصل الشتاء وتضاعف من بؤس آلاف الفلسطينيين الذين يسارعون لإعادة بناء أو ترميم ديارهم التي دمرت في الحرب مع إسرائيل أثناء الصيف. وفرح المسؤولون الفلسطينيون بالتعهدات بتقديم 5.4 مليار دولار خلال مؤتمر مساعدات دولي الأسبوع الماضي والتي ستستخدم في جهود إعادة الأعمار وستنعش الميزانية لكن كثيرين في غزة يخشون من تكرار ما كان يحدث بعد الحروب السابقة مع إسرائيل من عدم تقديم كل الأموال.
ولا يجادل أحد بشأن الحاجة الملحة في غزة. وتقول الأمم المتحدة أن 18 ألف مبنى سكني دمرت أو تضررت خلال الحرب التي استمرت 50 يوما بين إسرائيل والنشطاء الفلسطينيين كما شرد 108 آلاف شخص في القطاع الفقير والمنعزل. وسيعتمد تدفق مواد البناء والمساعدات الأخرى بشكل كبير على بسط السلطة الفلسطينية سلطتها إلى قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الفلسطينية حماس التي تدرجها عدة دول على قوائم الإرهاب. وعلى الرغم من توقيع اتفاق مصالحة في ابريل نيسان إلا أن المشاحنات لا تزال قائمة بين حماس وخصومها السياسيين. وقال رجال أعمال محليون إن آلية اتفقت عليها الأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن نقل مواد البناء من الضفة الغربية عبر إسرائيل إلى غزة لا تزال غامضة ومليئة بالعراقيل. ولا يتوقع سمير حسانين (37 عاما) أن تأتي المساعدة قريبا بما فيه الكفاية. ونتيجة لوجود فجوة بمنزله المتضرر باتت غرفة معيشته عرضة للطقس السيء على الرغم من جهوده البائسة لسدها بالأغطية البلاستيكية والطوب. ودمر حي الشجاعية الذي يعيش فيه بنيران المدفعية الإسرائيلية يوم 20 يوليو تموز. ولمدة شهرين تقريبا ظل حسانين وأسرته بالمنزل وكان حريصا على عدم الابتعاد كي لا يفوت الفرصة للالتقاء بوفود الأمم المتحدة والمنظمات الخيرية لتسجيل منزله ضمن المنازل التي تحتاج لأموال الترميم التي ينتظر وصولها. وقال لرويترز "يجب أن يبنوا منازلنا لنا. لا يمكننا العيش هكذا. كان يتعين عليهم البدء في البناء منذ فترة طويلة. لسنا على استعداد لاستقبال الشتاء ونغرق الآن في المطر." وقصفت إسرائيل غزة بكثافة واجتاحت جزئيا القطاع الساحلي الصغير الذي يبلغ عدد سكانه 1.8 مليون نسمة بينما قصفت حماس المدن الإسرائيلية بالصواريخ خلال القتال الذي استمر لسبعة أسابيع. وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من ألفي فلسطيني معظمهم من المدنيين وأكثر من 70 إسرائيليا جميعهم تقريبا من الجنود. ودمرت المناطق الحدودية المكتظة بالسكان تماما مثل الشجاعية عندما اجتاحتها إسرائيل ودمرت الأنفاق التي يستخدمها النشطاء لمهاجمة أراضيها. وحدة محفوفة بالمخاطر ومنذ انتهاء مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي عقد بالعاصمة المصرية القاهرة يوم 12 أكتوبر تشرين الأول دخلت فقط 75 شاحنة من مواد البناء إلى غزة عبر إسرائيل في يوم واحد الأسبوع الماضي. وقال المحلل الاقتصادي في غزة ماهر الطباع إن الكمية تقل عن خمس حجم الواردات اليومية المطلوبة إذا ما كان سيتم إصلاح ما دمرته الحرب في غضون ثلاث إلى خمس سنوات. وعلى الرغم من تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية من التكنوقراط في يونيو حزيران إلا أن الخلاف الدائم بين حماس وحركة فتح في الضفة الغربية يلقي ظلالا من الشك على ما إذا كان تدفق المواد سوف يتحسن. وسيطرت حماس على غزة من السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح بعد حرب أهلية قصيرة عام 2007. وكانت حماس فازت في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في عام 2006 بعد عام من انسحاب الجنود والمستوطنين الإسرائيليين من غزة. وفرضت إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حركة حماس قائلة إنها تسعى لتقييد السلع التي يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة والأنفاق تحت الأرض. ولكنها فاقمت المصاعب الاقتصادية في القطاع الفقير الذي يعيش أكثر من نصف سكانه على المساعدات الغذائية من الأمم المتحدة. وربما يهدئ اتفاق تم التوصل له الشهر الماضي بشأن تسليم حماس السيطرة على المعابر الحدودية لخصومهم الفلسطينيين من مخاوف إسرائيل والجهات المانحة بأن الحركة قد تستولي على مساعدات إعادة الإعمار أو تتربح منها. وقال الطباع "تمثل التعهدات المالية بصيص أمل وإذا... فتحت المعابر وكان هناك تنفيذ صادق للمصالحة بين فتح وحماس سيتشجع المانحون الدوليون لتقديم المزيد من المال لأن ما تم التعهد به لم يكن كافيا." وتلقي حماس باللوم على حكومة الوحدة ومقرها الضفة الغربية لعدم توليها مسؤولية المعبرين الحدوديين ونقل مواد البناء حتى الآن. لكن في الوقت نفسه تفاخرت الصحيفة الرسمية لحماس يوم الأحد بأن المقاتلين كانوا يعملون "كالنحل في خلاياه" لإعادة بناء الأنفاق وهي مستهلك رئيسي للخرسانة والحديد. الجهات المانحة غير المستقلة وقدر مسؤولون فلسطينيون تكلفة إعادة الإعمار المادي بأربعة مليارات دولار ولكن الجهات المانحة خصصت فقط حوالي 2.7 مليار دولار لهذا الغرض والنصف الآخر من تعهداتها لميزانية السلطة الفلسطينية التي تعاني ضائقة مالية. والصورة الاقتصادية في الضفة الغربية قاتمة أيضا. وبين عامي 2007 و2011 ارتفع النمو بمتوسط ​​سنوي بلغ ثمانية بالمئة. لكن الانخفاض الحاد في الدعم المقدم من المانحين وخاصة من الدول العربية المجاورة والدمار في غزة سيؤدي إلى تراجعه في عام 2014 إلى نصف بالمئة في الضفة الغربية وإلى انكماش قدره 15 بالمئة في غزة وفقا لتوقعات البنك الدولي الصادرة الشهر الماضي. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله الأسبوع الماضي إنه برغم الحاجة الملحة في غزة وجاهزية الخطط إلا أن العمل قد لا يبدأ بشكل جدي بناء على التعهدات وحدها. وأضاف "تجربتنا السابقة في المؤتمرات السابقة وفي شرم الشيخ في 2009 أن معظم الفلوس لم تكن تأتي ولكن دعونا نأمل أن الفلوس ستأتي." وكان يشير إلى مؤتمر عقد في مصر بعد حرب في غزة في ديسمبر كانون الأول 2008 ويناير كانون الثاني 2009. وأيد المانحون الجهود الفلسطينية لبناء اقتصاد قادر على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية رغم القيود الإسرائيلية المفروضة على حرية حركة البضائع والناس هناك ويأملون في أن يؤدي اتفاق الوحدة إلى إنقاذ الثروات المدمرة في غزة. وقال جون جات روتر الممثل الإقليمي للاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي "حتى الآن هذا التقدم كان مقتصرا بدرجة تزيد أو تقل على الضفة الغربية. والآن أعتقد أن الوقت قد حان لتمديد هذا العمل لغزة. ونحن ندرك العقبات بما في ذلك القيود السياسية والاقتصادية ولكن هذا لن يمنعنا من دعم السلطة الفلسطينية." ورغم أن الاتحاد الأوروبي ظل أحد أكثر المانحين الجادين للسلطة الفلسطينية لكن الفلسطينيين قد يواجهون مشاكل تمويل حادة إذا ما مضوا قدما في تعهدهم بعد انهيار محادثات السلام في ابريل نيسان بالسعي للحصول على اعتراف بدولة كاملة في مجلس الأمن الدولي قريبا. وتقول مصادر فلسطينية إن الولايات المتحدة هددت بعدم تقديم نحو 500 مليون دولار تمنحها سنويا لميزانية الحكومة وقوات الأمن في الضفة الغربية. كما قد تحجب إسرائيل أيضا 100 مليون دولار من الرسوم الجمركية التي تحولها شهريا للسلطة الفلسطينية وهو مبلغ يشكل نحو ثلث إيرادات السلطة الفلسطينية. الروتين ويتشكك محللون ومسؤولون في كفاءة آلية لرصد وترخيص شركات المقاولات الفلسطينية وافقت عليها السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة وإسرائيل. ويقولون إن سكان غزة الذين تضررت أو دمرت منازلهم سيسجلون مع الأمم المتحدة التي ستنقل مطالبهم إلى إسرائيل للموافقة على المبلغ المطلوب لمواد البناء. وبعد ذلك سيطلب القطاع الخاص الفلسطيني استيراد مواد البناء المخصصة والتي إذا تمت الموافقة عليها ستمول على أقساط. ويجب على الشركات أيضا الإبقاء على كاميرات المراقبة على مدار الساعة في منشآت التخزين لإثبات عدم وصول النشطاء لهذه المواد وهو أمر مضن في غزة في ظل استمرار التيار الكهربائي لست ساعات فقط يوميا بعدما ضربت القذائف الإسرائيلية محطة الكهرباء الرئيسية. وشارك إبراهيم برهوم أمين سر المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني في مؤتمر القاهرة وحث المشاركين على تقليص الإجراءات البيروقراطية التي تعترض طريق المساعدات. وقال "شعب غزة في وضع مأساوي وبدأ فصل الشتاء." وأضاف "نحن نتحدث عن ثلاث إلى عشر سنوات وهذا شيء لن يقبله أهل غزة ولا يمكنهم تحمله
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -