غزة: شجرة الزيتون تتحدى العدوان وتبقى شامخة رغم شراسته

غزة: شجرة الزيتون تتحدى العدوان وتبقى شامخة رغم شراسته
الجمعة 05 ايلول 2014
غزة (فلسطين) - /عبد الغني الشامي/ - خدمة قدس برس
لطالما تغنى الشعراء بصمود الأشجار بشكل عام وموتها واقفة، ولطالما تغنى الفلسطينيون بصمود شجرة الزيتون في أراضيهم رغم محاولة المحتل اقتلاع هذه الشجرة التاريخية التي ذكرها الله في القران الكريم.
وارتبطت هذه الشجرة المباركة بصمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه حيث يحرص الفلسطينيون على زراعتها بشكل كبير وفي المقابل تحرض قوات الاحتلال في كل توغلاتها وعدوانها أن تقتلع هذه الشجرة في معركة مستمرة.
وربما من سمة الحرب الأخيرة التي شنتها الدولة العبرية على قطاع غزة في السابع من تموز (يوليو) الماضي استمرت 51 يوما متواصلة أنها استهدفت بشكل كبير الأراضي الزراعية من خلال آلاف الغارات وجرفت كذلك مئات الدونمات المزروعة لا سيما في المناطق الحدودية.
إلا أن شجرة الزيتون التي يتداول قصتها سكان بلدة المغراقة وسط قطاع غزة تكاد تكون ابرز هذه القصص على الإطلاق فهذه الشجرة المعمرة استهدفتها طائرات الاحتلال بعشرات الغارات وألقت عليها مئات الصواريخ الثقيلة دون أن تتمكن من اقتلاعها.وبحسب سكان هذه القرية فان هذه الشجرة تقع في المناطق الغربية للقرية في بيارة تعود لعائلة الحسنات وهي شجرة كبيرة ومعمرة يعود عمرها لعشرينيات القرن الماضي كذلك هي شجرة كبيرة ومتشعبة وكانت تظلل مساحة واسعة لكبرها وتشعب أغصانها، وكانت بشكل سنوي تنتج كميات كبيرة من الزيتون وزيت الزيتون.
وقال احد سكان المنطقة لـ "قدس برس": "حينما بدأت الحرب كانت الطائرات تستهدف بشكل عام الأراضي الزراعية وذلك ظنًا من قوات الاحتلال انه يطلق منها الصواريخ وتعاود هذه الطائرات قصف نفس هذه الأراضي مرارًا وتكرارًا، واعتقدنا أن ما تتعرض له بيارة الحسنات في القرية هو استمرار لمسلسل استهداف الأراضي الزراعية".
  معركة الشجرة وأضاف: "إلا أننا وبعدما شاهدنا أن هذه الغارات تستهدف بشكل خاص إحدى أشجار الزيتون الكبيرة والمعمرة في بيارة الحسنات وهي شجرة معروفة لسكان المنطقة أدركنا أن الاحتلال يخوض معركة ضروس مع هذه الشجرة الكبيرة التي كانت تظلل مساحة واسعة من الأرض سعيًا لاقتلاعها، ولم نتوقع أن تطول هذه المعركة معها نظرًا لما يمتلكه الاحتلال من طائرات حربية مقاتلة تستخدم ضد جيوش كبيرة، تقوم بتدمير بنايات وأبراج كبيرة".
وتابع: "استمرت الغارات باستهداف هذه الشجرة بشكل مباشرة سواء من خلال الطائرات الحربية المقاتلة من نوع "اف 16"، أو طائرات الاستطلاع "بدون طيار"، أو قذائف المدفعية التي كانت تطلق طوال هذه الحرب قذائفها وتسقط على هذه الشجرة الصامدة".
وقال: "في أول تهدئة أعلنت بعد قرابة الشهر من الغارات ذهب سكان القرية يتفقدون تلك المنطقة من شدة ما تعرضت له من غارات خشية أن يكون هناك شهداء أو جرحى في المكان فوجدوا أن جل هذه القذائف كانت تسقط على هذه الشجرة تحديدًا وهي واقفة ولم تسقط في حين أن بعض غصونها تضررت وسقطت".
وأضاف: "بعد ذلك تواصل استهداف هذه الشجرة وكان التركيز عليها بالقنابل الثقيلة التي تلقى من طائرات مقاتلة من نوع "اف 16"، وكذلك البراميل المتفجرة حيث أدى ذلك إلى تقصف كافة أغصان هذه الشجرة بشكل كبير دون تمكن تلك الطائرات من اقتلاعها، وظلت واقفة دون أغصان مثمرة".
وأوضح انه من شدة ما تعرضت له هذه الشجرة من غارات فقد نزح السكان في محيطها ومحيط هذه البيارة خشية أن تطالهم هذه الصواريخ والقذائف.
  كثافة الغارات وقال السكان: "واصلت الطائرات بعد ذلك استهداف هذه الشجرة المعمرة بشكل مباشر حتى الأيام الأخيرة للحرب وهي ما عرفت بليلة تدمير الأبراج في غزة حيث شنت عدة طائرات في آن واحدة غدة سلسة غارات على هذه الشجرة وأطلقت عليها عدد كبير من الصواريخ الثقيلة التي تدمر بنايات ضخمة حيث سمع أصوات هذه الانفجارات من أماكن بعيدة، وقد ظن سكان المنطقة انه تم نسف عدد من المباني في تلك المنطقة".
وأضاف: "استيقظنا في الصباح وذهبنا إلى تلك المنطقة لنتفقدها ونرى المباني التي اعتقدنا أنها دمرت إلا أننا فوجئنا أن كل هذه الغارات كانت موجهة على هذه الشجرة لتتمكن أخيرًا هذه الطائرات من اقتلاعها من جذورها حيث لم نجدها ووجدنا حفرة كبيرة في مكانها بفعل هذه الصواريخ الثقيلة".
وأوضح أن هذه الغارات المكثفة على هذه الشجرة أدى إلى اقتلاعها من جذورها وقذفها في الهواء مسافة كبيرة حيث وجدت هذه الشجرة واقفة بجذورها المشعبة فوق إحدى البنايات العالية في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين المجاور لتلك البلدة، والذي يبعد عنها 3 كيلو متر.
  انتقام وتدمير ممنهج واعتبر سكان تلك القرية الزراعية أن ما حصل مع هذه الشجرة ومع أراضي المواطنين هو انتقام وتدمير ممنهج للأراضي الزراعية للمواطنين الذين يقتاتون منها لا سيما وان هذه الحرب جاءت والمواطنين يستعدون لقطف موسم الزيتون وكذلك العنب حيث تم تدمير مئات الدونمات المزروعة بهذه الثمار إلى جانب ثمار أخرى.
وقدرت وزارة الزراعة الفلسطينية في حصيلة أولية خسائر الأراضي الزراعية من هذه الحرب بحوالي 500 مليون دولار، وذلك نتيجة استهداف الاحتلال المباشر للأراضي والدفيئات الزراعية وأبار المياه وقنوات نقل المياه واستهداف كل ما تم إنجازه من مشاريع زراعية في أراضي محررات خان يونس.
وأكدت الدكتور ماهر الطبّاع الخبير والباحث الاقتصادي أن القصف المركز على الأراضي الزراعية والمحاصيل بآلاف الأطنان من المتفجرات يهدف إلى التأثير على السلة الغذائية والأمن الغذائي لسكان قطاع غزة وتدمير ما تم تحقيقه في السنوات الأخيرة من اكتفاء ذاتي في بعض المنتجات الزراعية , هذا بالإضافة إلى الآثار السلبية على منتجات التصدير الزراعية الموسمية والمتمثلة في الفراولة والزهور, والفلفل الرومي.
  تلف التربة وقال الطبّاع لـ "قدس برس" أن كثافة الصواريخ التي تحمل المواد السامة والمتفجرة الموجهة ضد الأراضي الزراعية سوف تضر بالتربة الزراعية وتجعلها عرضة للتلف.
وأضاف: "كما لحق بالمزارعين خسائر فادحة نتيجة عدم تمكنهم من الوصول لأراضيهم الزراعية للقيام بعمليات الري والتسميد وجني المحاصيل المثمرة مما تسبب في تلف تلك المحاصيل".
وتابع الخبير الفلسطيني: "إن هذه الحرب أدت إلى تضرر الإنتاج الحيواني بشكل كبير نتيجة للاستهداف المباشر والغير مباشر لمزارع الأبقار والأغنام و الدواجن وخلايا النحل ومصانع الأعلاف والتي تدمر العديد منها بشكل كامل".
وأوضح انه ونتيجة لعدم تمكن المزارعين من الوصول إلى مزارعهم نفق أعداد كبيرة من الماشية و الدواجن نتيجة عدم تلقيهم العقاقير البيطرية وعدم التمكن من إطعامهم.
  20 الف طن متفجرات وقدرت "وحدة هندسة المتفجرات" في وزارة الداخلية بغزة حجم المتفجرات التي ألقيت على غزة في اليوم الأربعين للحرب وقبل موجة تدمير الأبراج ومئات المنازل، بعشرين ألف طن من المتفجرات، مشيرة إلى أن طائرات الاحتلال استخدمت قنابل جديدة من عائلة " الام كي" الأمريكية شديدة التفجير التي تخترق الملاجئ والجبال والصخور.
وأشارت الوزارة في بيان لها إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية وحدها ألقت على مختلف مناطق قطاع غزة ما يقارب الثمانية آلاف طن من المتفجرات.
ولفتت إلى أن الاحتلال استخدم في عدوانه على القطاع ترسانته الحربية بكافة إمكانيتها كالطيران الحربي بأنواعه: "المسير "بدون طيار"، والأباتشي، والعمودي و"F 15 , F16 "، والتي أطلقت قذائف متنوعة أبرزها "MK 82,MK83, MK84 "، والتي تحدث انفجار وتدمير ضخم في المكان التي تطلق فيه.
وذكرت أن الاحتلال أطلق أكثر من ثمانية ألاف قنبلة من القنابل شديدة الانفجار من عائلة "MK " الأمريكية على غزة، مبينةً أن طائرات الأباتشي أطلقت صواريخ متعددة ومختلفة للتعامل مع الدروع والمناطق المحصنة، بالإضافة لاستهداف السيارات والأفراد والدراجات النارية التي شاركت بها طائرات الاستطلاع "بدون طيار".
وتعرض قطاع غزة ومنذ السابع من تموز (يوليو) الماضي لعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة استمرت لمدة 51 يوما، وذلك بشن آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية عليه، حيث استشهد جراء ذلك 2151 فلسطينيًا وأصيب الآلاف، وتم تدمير آلاف المنازل، وارتكاب مجازر مروعة.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -