العدوان الإسرائيلي يشل اقتصاد غزة

العدوان الإسرائيلي يشل اقتصاد غزة  
عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها على قطاع غزة إلى تدمير الاقتصاد الغزي من خلال استهدافها للمنشآت الاقتصادية، في وقت تشير التقديرات الرسمية إلى أن الاحتلال دمر خلال عدوانه قرابة 450 مصنعا بشكل كلي، بالإضافة إلى 500 مصنع ومنشأة صناعية تم تدميرها جزئيا.

وبحسب إحصائيات رسمية فإن خسائر العمال جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فاقت الـ 100 مليون دولار، في حين تقدر الخسائر الاقتصادية بمئات ملايين الدولارات. 
وبدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي في السابع من يوليو الماضي عدوانا جويا واسعا على قطاع غزة سمته «الجرف الصامد» وألحقته بحملة برية دموية أدت إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى جلهم من المدنيين الأمنين وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى تدمير مئات المنازل والبنية التحتية للقطاع.
وبررت إسرائيل حملتها الدموية ضد غزة بالرد على إطلاق صواريخ فلسطينية على جنوب إسرائيل وهدم أنفاق المقاومة الفلسطينية المنتشرة على طول الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة.

دمار هائل

أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين سامي العمصي أن الاحتلال عمد خلال عدوانه على قطاع غزة إلى تدمير الاقتصاد الغزي.

ورأى العمصي أن الاحتلال وجد أن الفرصة مناسبة لشن عدوانه حتى يموت أهالي القطاع من القصف والجوع ومن الحصار والدمار فواصل عدوانه البربري على القطاع، مما أحدث دمارا هائلا في المصانع والورش والشركات والمحلات التجارية أدى ذلك لتسريح أكثر من 30 ألف عامل حتى الآن.

وأوضح العمصي أن وضع قطاع غزة وما يحتويه من كوارث إنسانية وبيئة وصحية لا يحتمل تأجيل أي مطلب أو حق خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل.

وأشار إلى وصول أعداد العمال المتعطلين عن العمل لقرابة 200 ألف عامل من أصل 330 ألف عامل في سوق العمل الفلسطيني بقطاع غزة.

وقال العمصي: «رغم مرور ثماني سنوات من الحصار الإسرائيلي الظالم وتوقف قطاع الإنشاءات وحركة الإعمار وإغلاق آلاف المصانع والورش والشركات الصناعية، مما أدى إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال وانضمامهم إلى جيش البطالة».

كل تلك الآلام والمآسي - بحسب رئيس الاتحاد العام - لم تحرك ذرة إنسانية في قلب الاحتلال المتوحش الظالم ليفكر لو مرة واحدة أن يخفف نوعا من المعاناة عن غزة.

وبيّن أن الاحتلال شن حربه ضد قطاع غزة ساعيا بذلك لموت غزة وإبادة من فيها عن بكرة أبيهم، لتصل المعاناة والظروف الصعبة إلى حد لا يتخيله بشر أو تقدره أرقام وإحصائيات.

ولفت إلى أن فتح المعابر وإنشاء ميناء وكسر الحصار هو الأمل المنشود والحل الوحيد لتخفيف الأعداد الهائلة من المتعطلين عن العمل.

وذكر نقيب العمال بأن اتحاده نشر معطيات قبل العدوان المتواصل على غزة تبين وصول أعداد العمال المتعطلين عن العمل لقرابة 170 ألف عامل وأن القطاع يمر بمرحلة خطرة جدا وهي الأسوأ منذ عشر سنوات ولا يحتمل زيادة هذه المعاناة.

تدهور كبير

بدوره، أوضح نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية علي الحايك أن الاحتلال دمر خلال عدوانه على قطاع غزة قرابة 450 مصنعا بشكل كلي، بالإضافة إلى 500 مصنع ومنشأة صناعية تم تدميرها جزئيا.

وأشار الحايك إلى أن هناك كارثة كبيرة حلت بقطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي وتدمير البنية التحية والأساسية للقطاع بصفة عامة من خلال استهدافه للحجر والبشر والمصانع والورش التي تشكل عصب الحياة الأساسي والعمود الفقري للصناعات الفلسطينية.

ونوه الحايك إلى أن المصانع والمنشآت الصناعية التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية كانت تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، كونها تحتوي على صناعات أساسية وتشغل آلاف العمال من أبناء القطاع.

وطالب الحايك بالعمل على خطة إنعاش سريعة تشمل أصحاب المصانع والمنشآت التجارية والعمال وخصوصا أصحاب الدخل المحدود وإنشاء منطقة صناعية «آمنة» بعيدة عن المناطق الحدودية.

ولفت إلى أن القطاع الصناعي في غزة عانى سابقا من تدهور كبير بسبب الضربات المتلاحقة، بعد أن شهد حربين سابقتين تسببتا في إصابات واسعة النطاق من تدمير للبنية التحتية لكثير من المنشآت الصناعية سواء بالتدمير الجزئي أو الكلي، الأمر الذي تسبب في حالة شلل شبه كاملة للقطاع الصناعي.

وأضاف أن القطاع الصناعي عانى من حصار إسرائيلي خانق، مما أدى إلى توقف عدد كبير من المصانع عن العمل وتسريح عدد كبير من العمال، إضافة إلى تعطيل كبير للطاقة الإنتاجية لباقي المصانع وزيادة في نسبة البطالة.

وأشار إلى أن الاتحاد يبذل قصارى جهده للوقوف مع أصحاب المنشآت المتضررة والعمل على التواصل المستمر مع المؤسسات المحلية والدولية لمساعدة هذه المنشآت المتضررة نتيجة العدوان.

وشدد على أنه تم استهداف المصانع الفلسطينية وبشكل خاص قطاع الصناعات الإنشائية في غزة، ما يظهر محاولة الاحتلال لمنع وتعطيل أي عملية إعادة لإعمار ما تسبب به من دمار في قطاع غزة.

وأكد: «أن المرحلة الحالية مهمة وتحتاج إلى جهد مضاعف من الجميع».

وأضاف الحايك: «أن الاتحاد تواصل مع العديد من المؤسسات الدولية ويتم اطلاع هذه المؤسسات بشكل مستمر على آخر التطورات حول أضرار القطاع الصناعي، بالإضافة إلى التواصل المستمر للاتحاد مع حكومة التوافق الفلسطينية والقطاع المصرفي لإيجاد حلول سريعة للأمور الطارئة التي يواجهها أصحاب المنشآت».

يشار إلى أن هيئة الإحصاء الفلسطينية كشفت أن أسعار السلع الأساسية في غزة ارتفعت بشكل حاد خلال شهر يوليو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وذلك بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.

وأوضح تقرير الهيئة أن أسعار الخضراوات الطازجة قفزت بنحو 15 %، كما قفزت أسعار الخضراوات المجففة بنسبة 11 % وأسعار الغاز بنسبة 10 % وأسعار الدواجن الطازجة بنسبة 8 % وأسعار الأرز بنسبة 4 %.

وقدرت الإغاثة الزراعية في قطاع غزة الخسائر الأولية القطاع الزراعي جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع بنحو 200 مليون دولار، فيما وصلت خسائر الإنتاج الحيواني لحوالي 40 مليون دولار وقطاع الصيد إلى 10 ملايين دولار والإنتاج النباتي إلى 150 مليون دولار.

صورة سوداوية

واتهم الخبير الاقتصادي، ماهر الطباع، في تصريحات لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» قوات الاحتلال الإسرائيلي بتعمد تدمير الاقتصاد الوطني في قطاع غزة عبر استهدافها القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية.

ورسم الطباع صورة سوداوية للاقتصاد الغزي الذي يعاني بشكل كبير قبل العدوان، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال التي ارتكبت مجازر بحق سكان غزة، ترتكب نفس المجازر بحق منشآته الاقتصادية.

وأكد أن لتدمير تلك المنشآت تداعيات كارثية على الاقتصاد الغزي، متوقعا أن ترتفع معدلات البطالة لتتجاوز نسبة الـ50 % بعد أن كانت 41 %، وأن 30 ألف شخص سينضمون إلى جيش البطالة البالغ عدده أصلا 180 ألف شخص، بعد فقدانهم لمصدر دخلهم الوحيد.

وتوقع الخبير الاقتصادي أيضا أن ترتفع معدلات الفقر في القطاع المحاصر لتصل إلى 60 % بدلا من 38 %، لافتا إلى أن انقطاع التيار الكهربائي المتواصل كانت له نتائج كارثية على مختلف الأوضاع الإنسانية في القطاع.

واقترح الطباع، ضرورة إنشاء هيئة خاصة مستقلة لإعادة إعمار قطاع غزة، ممثلة من القطاع العام والخاص وكافة الجهات ذات الاختصاص وذلك للتنسيق والإشراف على كافة المشاريع.

كما اقترح التجهيز بشكل سريع لعقد مؤتمر دولي للمانحين، والتحضير الجيد لعقد مؤتمر للمستثمرين العرب والأجانب لحثهم على الاستثمار في قطاع غزة وإطلاق حملة عربية ودولية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي على مدار ثماني سنوات، وتعويض كافة المتضررين في كافة المجالات خلال السنوات السابقة.

ودعا إلى تنفيذ برنامج عاجل وفوري لتوفير منازل بديلة للسكن المؤقت للذين أصبحوا بلا مأوى، وتقديم إغاثة عاجلة للشركات والمصانع والمحال التجارية التي تدمرت بشكل كلي وجزئي.

وقال الطباع: إن أي تهدئة مقبلة مع الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تشترط على إنهاء حصار قطاع غزة الفوري وفتح كافة المعابر التجارية لكافة الواردات والصادرات دون قيود أو شروط من الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: يجب أن تكفل «التهدئة» لمواطني القطاع حرية الحركة والسفر للخروج من السجن المغلق على مدار ثماني سنوات من الحصار والدمار وتضمن التواصل الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -