البنوك العاملة في فلسطين مساهمة محدودة في المسؤولية المجتمعية رغم الأرباح الكبيرة

البنوك العاملة في فلسطين مساهمة محدودة في المسؤولية المجتمعية رغم الأرباح الكبيرة

محلل: الدور الذي لعبته معظم البنوك خلال العدوان على غزة لا ينسجم مع حجم الكارثة

رام الله- - الاقتصادي- حسناء الرنتيسي-  المسؤولية الاجتماعية ( Social Responsibility ) ، مصطلح عرّفه البنك الدولي بالتزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة، من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد.
وكذلك عرّفته الغرفة التجارية العالمية بأن رأت أن البنوك والشركات تأتي بمبادرات تلقائية من قبل رجال الأعمال دون أن يفرض ذلك عليهم بالقانون.
لا يوجد تعريف محدد متفق عليه للمسؤولية الاجتماعية على مستوى العالم، فقد تعددت التعريفات وتنوعت تبعاً للأبعاد والمقاصد والمفاهيم، التي تستهدفها تلك التعريفات، كما اختلفت أيضاً تلك التعريفات بأنشطة المسؤولية الاجتماعية لدى شركات القطاع الخاص بين الإلزام والإجبار وبين الالتزام الأدبي والتطوعي بما في ذلك المجالات والاتجاهات.
بالرغم من اختلاف تعريفات المسؤولية الاجتماعية، إلا أن هنالك قواسم مشتركة بين تلك التعريفات، التي تخلص إلى أن المسؤولية الاجتماعية، هي قدرة المنشأة سواء التي تعمل بالقطاع العام أم بالقطاع الخاص على خلق علاقة جيدة فيما بينها وبين المجتمع المحيط بها والمحافظة على تلك العلاقة، بما يحقق تطور المجتمع وازدهاره وأمنه وأمانه، وذلك من خلال الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات Best Practice في مجالات عمل المنشأة المختلفة، بالشكل الذي يكفل الموازنة بين مصالحها ومصالح المجتمع.

أرباح البنوك عالية

ويعتبر قطاع البنوك في فلسطين من بين مؤسسات القطاع الخاصة المطالبة بالقيام بدور ريادي في مجال المسؤولية الاجتماعية نظرا لتحقيقيها ارباحا جيدة في السوق الفلسطيني.

ويتكون القطاع المصرفي الفلسطيني من 17 مصرفاً، منها 7 مصارف محلية، موزعة على مصرفين إسلاميين وخمسة مصارف تجارية، و10 مصارف وافدة، منها 8 بنوك أردنية، وبنك بريطاني وبنك مصري.

وقد وصلت ارباح البنوك العاملة في فلسطين الى 150 مليون دولار خلال العام الماضي 2013، والتي ارتفعت بزيادة 27 مليون دولار عن العام 2012، وذلك حسبما اعلنه مدير دائرة الرقابة والتفتيش على المصارف في سلطة النقد الفلسطينية (المؤسسة القائمة بأعمال البنك المركزي.

وكانت وكالة الأناضول قد نشرت تقريراً نهاية العام الماضي، أشارت خلاله إلى أن البنك العربي استحوذ على 43٪ من حجم الأرباح التي حققتها المصارف البالغ عددها 17 مصرفاً خلال الشهور الستة الأولى من العام الماضي، حيث بلغت أرباحه نحو 31.4 مليون دولار.

تبرعات البنوك خلال العدوان

 سلطة النقد الفلسطينية وعلى لسان مديرة العلاقات العامة ايرين سعادة ردت بعدم وجود تقرير نهائي حول مساهمات البنوك العاملة في فلسطين، داعية لتجميع الأخبار حول تبرعات البنوك خلال العدوان من المواقع الاخبارية المختلفة.

وقد كانت التبرعات حسب ما نشر في الصحف والمواقع الاخبارية كالتالي:

•    بنك القدس يقدم طرودا غذائية لقطاع غزة، كما قدم البنك أدوية ومعدات طبية طارئة لمستشفيات القطاع بقيمة 50,000 دولار. كما قرر البنك صرف راتب اضافي لكافة موظفيه في قطاع غزة؛ لاعانتهم في هذه الأيام الصعبة. 

ويعتبر بنك القدس ثاني اكبر بنك في فلسطين من حيث الانتشار، حيث يقدم خدماته من خلال 27 فرعاً ومكتبا و49 صرّافاً آلياً منتشرة في فلسطين.

•    وأطلق بنك فلسطين حملة "فلسطين بالقلب" بالشراكة مع مؤسسة التعاون ومنظمة الأونروا جمعت حتى 6 آب 2014 ما يزيد على 850 ألف دولار اميركي، وهي عبارة عن تبرعات من المواطنين بلغت حوالي650 ألف دولار بالاضافة الى 200 الف دولار مساهمة البنك في الحملة، حيث خصصت لإغاثة أهلنا في غزة، ومستشفى المقاصد في مدينة القدس. ويعتبر بنك فلسطين أكبر البنوك الوطنية.

    قدم بنك الاسكان للتجارة والتمويل مساعدة مالية عاجلة لقطاع غزة، وذلك ضمن البرامج الاغاثية المخصصة من قبل وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين UNRWA – بالخصوص.

•    وأرسل البنك الاسلامي الفلسطيني ومجموعة الفايز العالمية شحنة ادوية واسعافات اولية من خلال شركة بيرزيت للادوية والمعدات الطبية الى قطاع غزة المنكوب.

•    بادر البنك الوطني وموظفوه بالتبرع لأهل قطاع غزة بشحنة من الأدوية، حيث بادر موظفو البنك بتقديم تبرع من صندوق اللجنة الإجتماعية، واستجاب البنك لمبادرة موظفيه بمضاعفة المبلغ، لشراء ادوية ومستلزمات طبية.

*** (التبرعات المذكورة حتى تاريخ 6 آب 2014)

المساعدات لا تنسجم مع الأرباح

وقال د. ماهر تيسير الطباع،  الخبير والمحلل الاقتصادي- ومدير العلاقات العامة بالغرفة التجارية لمحافظات غزة- إن مساهمة البنوك في المسؤولية الاجتماعية لا تنسجم مع قيمة الأرباح الصافية الكبيرة التي تحققها في فلسطين.

وأضاف الطباع "يجب أن يكون لسلطة النقد دور رقابي بالزام البنوك بالمساهمة في أنشطة المسؤولية الاجتماعية، وتحدد سلطة النقد للبنوك كحد أدنى 2% من الأرباح للمسؤولية الاجتماعية، وفي الغالب لا يتم الالتزام بها من قبل بعض البنوك، ومن وجهة نظري بأن هذه النسبة يجب أن ترتفع في ظل ما نعانيه في فلسطين من أوضاع اقتصادية صعبة وما تحققه البنوك من أرباح كبيرة".

دور متأخر.. ومساعدات اغاثية فقط

وتابع الطباع " بالنسبة لفترة الحرب الثالثة على قطاع غزة فقد جاء دور البنوك في المشاركة الاجتماعية متأخرا جدا، حيث بدأ في اليوم العاشر للحرب، واقتصر على بعض البنوك، وهو لا يتناسب مع حجم الكارثة الموجودة في القطاع".

وأشاد الطباع بمبادرة بنك فلسطين قائلا "يحسب لبنك فلسطين كأول البنوك من المبادرين، حيث أطلق حملة للتبرع بالشراكة مع مؤسسة التعاون لتزويد مستشفيات قطاع غزة ومستشفى المقاصد في القدس بمستلزمات طبية وإغاثية عاجلة، وبعد ذلك بدأت بعض البنوك الأخرى بإطلاق حملات مختلفة لدعم و إغاثة قطاع غزة ".

كما انتقد الطباع البنوك بقوله إن مساعداتها في الغالب تكون إغاثية لحظية، أو لدعم بعض المشاريع الخيرية، أو لرعاية المهرجانات وبعض الأنشطة والفعاليات،  ولا ترقى نحو مشاريع اقتصادية استثمارية تحقق التنمية المستدامة وتساهم في خفض معدلات البطالة المرتفعة في فلسطين، والتى تجاوزت معدلاتها 26 %.

وأوضح أن المطلوب من البنوك أن توجه كافة استثماراتها إلى داخل فلسطين من خلال مشاريع استثمارية ذات تنمية مستدامة في كافة القطاعات الاستثمارية , حيث تشكل الاستثمارات الخارجية لقطاع البنوك المساهمة الكبرى من إجمالي الأصول الخارجية لفلسطين بنسبة 73.2% أي ما يعدل 4.5 مليار دولار أمريكي تقريبا.

وأشار الطباع ان هذه المساعدات تكون في بعض الأحيان نوعا من الدعاية للبنوك، ويظهر ذلك من خلال الدعاية المكثفة والمبالغ الكبيرة التى تصرف على تلك الحملات من إعلانات في الصحف والاذاعة والمواقع الالكترونية واليافطات الضخمة وغيرها .

كما أشار لضعف أداء البنوك العاملة في فلسطين في مجال المسؤولية الاجتماعية مقارنة بدول الجوار، قائلا "البنوك في الدول المجاورة تستثمر في كافة القطاعات الاقتصادية التجارة والصناعية والسياحة والاسكان والزراعة".

واضاف" في حين يواجه العالم خطورة التدهور البيئي، نواجه في فلسطين والمنطقة تحديا آخر يتمثل بالقضاء على الفقر وتحسين الوضع الاقتصادي، وإيجاد حلول للبطالة".

وكان استاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت د.نصر عبد الكريم قد دعا الى "الاتفاق على المفهوم قبل التحدث عن المبلغ الذي انفق على المسؤولية الاجتماعية، متسائلا: "هل اذا تبرعنا لملجأ بتبرعات مالية او عينية او قدمنا جهاز حاسوب لمجلس قروي او لجمعية خيرية نعتبر ذلك ضمن المسؤولية الاجتماعية؟ ام ان المسؤولية الاجتماعية يجب ان تأتي في اطار منهجي وبسياسة مقرة من قبل كل مجلس ادارة لكل بنك وتنسجم مع التوجهات الاستراتيجية للبلد وضمن الأولويات بعيدا عن الانتقائية والارتجالية او انها تدرج من باب العلاقات العامة، او انفاق تسويقي بدل نشر اعلان في الصحف ووسائل الاعلام او وضع يافطة برعاية، وكأنها مسؤولية اجتماعية!".
عبد الكريم دعا لانهاء حالة الخلط بين المسؤولية الاجتماعية ودور القطاع الخاص في شراكته مع مؤسسات البحث والتعليم العالي في دعم البحث العلمي وفي تطوير البلد وتقنياته، مؤكدا أن الموضوع غير ناضج بما فيه الكفاية في الساحة الفلسطينية حتى نستطع القول إنه أنفق على المسؤولية الاجتماعية هذا المبلغ او ذاك. 
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -