تجار غزة ينزفون في صمت  

غزة ــ علاء الحلو
25 يوليو 2014
شلل كامل أصاب المحال التجارية والأسواق في قطاع غزة، نتيجة تواصل العدوان الإسرائيلي، لكن العوز والحاجة دفعا بعض أصحاب المصالح التجارية والمحلات إلى فتح أبوابهم على خجل واستحياء طلباً للرزق.
الحالة العامة، والتي أغلقت فيها المحال التجارية أبوابها، تسبب فيها القصف الإسرائيلي المتواصل لكل ما هو متحرك، منا سبّب حالة من الخوف لدى المواطنين من أن يكونوا الضحية القادمة.
وتكاد شوارع قطاع غزة تكون خاوية من المواطنين، وأسواقها فارغة تماماً سوى من بعض المغامرين، الذين دفعتهم لقمة عيش أطفالهم إلى النزول، رغم الخطر المحدق بحياتهم، وفتح مصالحهم التجارية أو أبواب محالهم، مما يعرض حياتهم للخطر في كثير من الأحيان.
وأغلق التاجر، أبو خالد الحرازين، محله الذي يبيع فيه العطارة والمواد الغذائية، منذ اليوم الخامس للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد أن اشتدّ العدوان وأخذ في استهداف المواطنين ومصالحهم وممتلكاتهم بشكل مباشر، وتكبيدهم خسائر كبيرة.
وشرع الاحتلال الإسرائيل قبل 19 يومًا، بشن حربٍ على قطاع غزة، أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد"، وتوسع فيها، الخميس 17 يوليو/ تموز الجاري، بتنفيذ توغل بري محدود، مصحوباً بقصف مدفعي وجوي وبحري كثيف.
وأدّت الغارات الإسرائيلية المكثفة والعنيفة على مختلف أنحاء قطاع غزة، إلى استشهاد نحو 807 أشخاص، وإصابة 5230 جريحاً حتى صباح اليوم، الجمعة، إضافة إلى تدمير 1675 وحدة سكنية، وتضرر 21890 وحدة سكنية أخرى بشكل جزئي، منها 994 وحدة سكنية "غير صالحة للسكن"، وفق معلومات أولية صادرة عن وزارة الأشغال العامة الفلسطينية.
ويقول الحرازين لـ"العربي الجديد" إنه أغلق محله التجاري عندما رأى استهداف الاحتلال للبيوت، وتدميرها على رؤوس ساكنيها ورؤوس أصحاب المحلات التجارية المستأجرين فيها وتحتها، واستشهاد عدد كبير منهم جراء تلك الجرائم الإسرائيلية، التي لا يتوانى الاحتلال للحظة عن ارتكابها.
وعن الخسائر التي لحقت به، يقول إنه أغلق أبواب محله في موسم بيع المواد والمستلزمات الرمضانية، والتي يكثر الإقبال عليها في أيام الشهر الفضيل، مما تسبب في خسارته الموسم، مستدركا: "لكن هناك من قصف محله ومخازنه خلال العدوان المتواصل، والحمد لله نحن بخير رغم ما نخسره مالياً".
المشهد العام في قطاع غزة وإغلاق أبواب المحال التجارية لا ينذر بقرب حلول عيد الفطر، فالموسم والتحضيرات وتجمعات التنزيلات كانت تظهر مع منتصف شهر رمضان من كل عام، لكن استمرار العدوان ألغى تلك المظاهر، وحرم آلاف المواطنين من مصدر رزقهم الموسمي.
أما شارع عمر المختار، المكتظ بالمحال التجارية، والذي يُغمَر عادة بالزبائن وأصوات الباعة والمنادين، فقد بات خاوياً تماماً، فهو الشارع المؤدي إلى حي الشجاعية، الذي ارتكبت فيه قوات الاحتلال مجزرة راح ضحيتها ما يزيد عن ثمانين مواطناً، مما ألغى أية حركة تجارية في ذلك الشارع الرئيسي.
ويقول التاجر أبو سعدي الأسمر، الذي يوصد أبواب محلاته، التي يبيع فيها الملابس والأحذية، خوفاً من القصف المتواصل، كذلك لعدم وجود زبائن، وإنه حاول فتح محاله في الأيام الأولى للعدوان، لكن ما رآه من مجازر وقصف عشوائي دعاه إلى إغلاقها، رغم الخسائر التي يُمنى بها يومياً.
ويوضح الأسمر لـ"العربي الجديد" أن جميع التجار في غزة يغلقون محالهم التجارية كي لا يجازفوا بأرواحهم وأرواح العاملين لديهم، مبيناً أن كل يوم يمر يكبدهم خسائر كبيرة، خاصة وأنه يستأجر المحلات، وسيدفع الإيجار حتى في ظل الحرب.
من جانبه، قدّر الخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر الطباع، الخسائر المباشرة التي تلحق بالاقتصاد الفلسطيني، مع استمرار شلل جميع الأنشطة الاقتصادية جراء العدوان، سواء التجارية والصناعية والزراعية والسياحية وغيرها، بخمسة ملايين دولار يومياً، مبيناً أن تلك القيمة ناتجة عن دراسة الناتج المحلي اليومي.
ويوضح الطباع لـ"العربي الجديد" أن العدوان الإسرائيلي يأتي في ظل موسم سنوي، ينتظره عدد كبير من التجار، الذين يعملون في السلع الموسمية، والذين سيلحق بهم ضرر كبير، خاصة في المواد الغذائية الرمضانية والمطاعم والألعاب الخاصة في شهر رمضان، كذلك موسم العيد، وتضرر تجار الملابس والحلويات والفنادق والمناطق السياحية، والتي ستفقد قمة رواجها.
ويشير الطباع إلى أن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة سيئ للغاية حتى قبل الحرب، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ ثمانية أعوام، وعدم فتح معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الأساسي للقطاع، إضافة إلى عدم دخول المواد الأساسية، خاصة مواد البناء، مما أوصل القطاع إلى أوضاع كارثية.
ويلفت إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة تجاوزت 41 في المائة، في حين زاد عدد العاطلين عن العمل عن 180 ألف عاطل، وفاقت معدلات الفقر نسبة 38 في المائة، علاوة على عدم تلقي نحو 40 ألف موظف من موظفي قطاع غزة رواتبهم منذ عدة شهور.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -