ضعف الاقبال والاتجاه للصيني يهدد أسواق الذهب في غزة

ضعف الاقبال والاتجاه للصيني يهدد أسواق الذهب في غزة

جريدة الإقتصادية - غزة-صلاح أبو حنيدق
لم تعد أسواق الذهب في قطاع غزة تلقى إقبالاً من المواطنين نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشونها بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 8 سنوات، على الرغم من انخفاض أسعاره بسبب  تأثره بهبوط الأسعار العالمية.
ويشكو تجار ذهب فلسطينيون من حالة ركود كبيرة تسيطر على السوق نتيجة اتجاه المواطنين للذهب الصيني كبديل للأصلي، وضعف القدرة الشرائية لديهم ، حيث أضحوا لا يشترون المعدن الأصفر إلا للحالات الضرورية مثل تجهيز عروس أو إهداءه في مناسبات اجتماعية.

ويقول صاحب صالة مجوهرات نفريتتي في سوق القيسارية بغزة رائد البنا إن لديه بضاعةً في صالته تقدر بمليون دينار تقريباً وبالكاد يبيع بـ80 دينار إسبوعيا نتيجة عدم توفر الأموال لدى المواطنين الذين يتجه غالبيتهم لتوفير أساسيات المعيشة بدلاً من الكماليات.
ويضيف البنا أن المواطنين أضحوا يقُبلون على بيع ما لديهم من ذهب وشراء النوع الصيني كبديل له بهدف استخدام ثمنه لفتح مصدر رزق جديد لأسرهم لتحسن من أوضاعهم المعيشية.
ويفيد أن إغلاق الأنفاق المصرية والحصار الإسرائيلي أثرت سلباً على إقبال الناس على شراء الذهب وأوقفت عمليات إدخاله وإخراجه من وإلى قطاع غزة، مشيراً إلى أن الذهب الصيني أثر بنسبة 50% على إقبال المستهلكين.
ويؤكد أن انخفاض أسعار الذهب أثر سلباً بنسبة 90% عليهم و60% على المواطن حيث أنهم كانوا يعتقدون أن الهبوط في الثمن سيعمل على زيادة المستهلكين، ولكن عدم توفر السيولة لديهم والخوف من القادم أبقى فقط على الفئة المقبلة على البيع.
ويشير إلى أن بقاء حالة الركود ستدفع الكثير من التجار لإغلاق محالهم لأن حجم المبيعات لا يلبي نفقات الإيجار والكهرباء والماء التي تكون عليهم في مطلع كل شهر.
الحال لا يختلف كثيراً عند تاجر الذهب علاء مضير فيقول إن “السوق ضعيف جداً ،قليلون من يأتون للشراء بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين الغالبية يأتون لبيع ما لديهم من ذهب ليخرجوا من ضائقات مالية”.
ويضيف أن السبب في ضعف سوق الذهب هو الحصار الإسرائيلي وما نتج عنه من أوضاع اقتصادية صعبة للمواطنين ودخول الذهب الصيني لغزة، مشيراً إلى أن المواطنين يخافون من اقتناء الذهب نتيجة انخفاض أسعاره بمقدار الربع حيث وصل سعر الغرام سابقاً 35 دينار والآن 25 دينار.
وتراجع سعر الأوقية خلال الأسبوع الماضي إلى 1257.50 دولار للأونصة بعد أن وصل السعر إلى أكثر من 1900دولار خاصة بعد أزمة أمريكا الاقتصادية وأزمة الديون السيادية الأوروبية ولجوء بعض الحكومات لبيع جزء من احتياطاتها لسد العجز في موازنتها .
ويوضح أن انخفاض أسعار الذهب لم يجذب مزيداً من المشترين على الرغم من عرض التجار لبضاعتهم ذات السعر الغالي للبيع، مستبعداً أن تتحسن القدرة الشرائية حتى لو هوت الأسعار إلى ما دون 25 ديناراً للجرام كحالها الآن.
ويرجع مواطنون عدم إقبالهم على شراء الذهب نتيجة عدم توفر فرص عمل وانتشار البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية.
وبلغ عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة 170 ألف عامل من أصل 330 بسبب ظروف الحصار الإسرائيلي على القطاع حيث وصلت نسبة البطالة في العام الماضي إلى أكثر من 40% والفقر إلى 39% حسب مركز حماية حقوق الإنسان.
ويقول المواطن أحمد جوهر إنه عاجز عن شراء ذهب لزوجته الذي باعه عند شرائه لسيارة ليعمل عليها نتيجة سوء الأوضاع  الاقتصادية التي تزاد سوءاً يوماً بعد يوم، موضحاً أنه اضطر لصرف ما كان يدخره لشراء المعدن الأصفر لتأمين احتياجات منزله .
ويضيف أنه “اشترى لزوجته ذهب صيني ذو السعر المنخفض حتى تلبسه في الأعراس والمناسبات السعيدة فالإنسان في غزة أصبح بالكاد يلبى احتياجات منزله من مأكل ومشرب فكيف سيشتري ذهب أصلي “.
عامل البناء أحمد قويدر يقول إن المواطن لا يستطيع شراء الذهب على الرغم من انخفاض أسعاره في ظل البطالة وشح مصادر الرزق في قطاع غزة، حيث أن المواطن أصبح يقدم احتياجاته الأساسية من مسكن ومأكل ومشرب على الكماليات.
ويفيد أنه لجأ لبيع عقد زوجته لكي يؤمن مصاريف أولاده في ظل تعطل قطاع الإنشاءات بعد إغلاق أنفاق التهريب على الحدود المصرية الفلسطينية.
أما المواطنة أماني سعيد فتروى ” لم أشتري سوى خاتم وأسواره من صيغة زواجي وأحتفظ بالمبلغ إلى حين نزول سعر الذهب لـ 15 دينار لأن مهري لا يكفي لشراء كمية كبيرة من الذهب في ظل أن السعر لم ينخفض إلا لـ25 دينار.
وتبين أن الاحتفاظ بالمال أفضل في هذه الأيام من اقتناء الذهب لان أسعار العملة الإسرائيلية ثابتة تقريباً على عكس الذهب الذي تنخفض وترفع أثمانه من وقت لأخر .
بدوره، قال رئيس نقابة تجارة الذهب والمجوهرات بغزة محمود حمادة إن الأوضاع الاقتصادية الناتجة عن الحصار الإسرائيلي وإغلاق الأنفاق أثرت سلباً على حجم القدرة الشرائية للمواطنين على الذهب حيث جعله خارج قائمة أولوياتهم.
وأضاف حمادة أن نسبة المتضررين من التجار نتيجة حالة الركود في السوق وصلت لـ70% على الرغم من الانخفاض في أسعار الذهب.
وأوضح أن سوء الأوضاع الاقتصادية أدى للجوء يعض العائلات للاتجاه نحو شراء الذهب الصيني ذو السعر الرخيص في محاولة منهم لاستثمار أموالهم في أمور أخرى.
وأضاف ” طالبنا السلطة بتزويدنا بالذهب، لكن المشكلة تكمن في إسرائيل الذي يرفض ذلك لعدم وجود عملة نقدية للسلطة وان الوسيلة الوحيدة للحصول على الذهب هي التهريب”.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع إن الحصار الإسرائيلي المطبق على كافة القطاعات الاقتصادية أدى إلى عزوف المواطنين عن شراء الذهب الحر واستبداله بالذهب الصيني الذي يتناسب مع إمكانياتهم المتاحة خاصة بعد تراوح سعر غرام الذهب بين 25و30 دينارا.
وأضاف الطباع أنه على الرغم من الانخفاض الطفيف في أسعار الذهب خلال الشهرين السابقين، إلا أن المواطنين لم يتشجعوا على اقتناء الذهب نتيجة تدني الدخل لديهم.
وأشار إلى أن أسعار الذهب شهدت ارتفاعا ملحوظا في السنوات السبع الأخيرة حيث تضاعفت الأسعار بنسبة 100% نتيجة الأزمة المالية العالمية  الأمر الذي إنعكس سلباً على إقبال الغزين على الذهب.
وبين أن  سبب توجه العديد من المواطنين في الفترة الحالية إلى بيع الذهب رغم انخفاض سعره نتج عن عدة عوامل من أهمها التخوف من استمرار تراجع الأسعار وانعدام البدائل لديهم اللازمة لمعالجة مشاكلهم المالية الاقتصادية.
وأكد أن رفض إسرائيل تصدير وتوريد الذهب لغزة ساهم في زيادة حجم الركود في الأسواق والحد من حجم التداول فيها.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -