في غزة.. بضائع رمضان المكدسة تنتظر المشترين

في غزة.. بضائع رمضان المكدسة تنتظر المشترين
حياة وسوق - حسن دوحان - لم يبد المواطن وجيه كريم (37عاما) أي اهتمام بالإقبال على شراء بضائع شهر رمضان المبارك التي تكدست في المحال التجارية في قطاع غزة دون ان تجد طريقها لمنازل المواطنين.
وتخيم حالة من عدم اللامبالاة لدى المواطنين في قطاع غزة ازاء ما اعتادوا عليه من تهافت على شراء اغراض شهر رمضان المبارك، نتيجة تسارع الاحداث وارتفاع نسبة الفقر والبطالة لتصل الى ما يربو عن 41 %، والخوف الذي سيطر على الموظفين من عدم تمكنهم من استلام رواتبهم.
ويقول المواطن كريم "اعيش وأسرتي منذ سنوات على معونة الشؤون الاجتماعية بعد تعطلي عن العمل جراء الحصار الاسرائيلي الذي يحول دون ادخال مواد البناء من الاسمنت والحصمة والحديد"، ويشير الى انه كان يعمل في قطاع البناء كعامل بيومية 60 شيقلا، ولكن منذ نحو سبع سنوات لم يعمل سوى لشهور معدودة، ثم توقف عن العمل بعد اغلاق الأنفاق التي كان يتم من خلالها تهريب مواد البناء.

ويوضح كريم انه بانتظار صرف معونة الشؤون الاجتماعية لشراء القليل من اغراض شهر رمضان بما يتناسب مع دخله شبه المعدوم. ويقول كما ان التهديدات الاسرائيلية بشن حرب على غزة خلقت حالة من الخوف لدى المواطنين ما جعلهم يركزون على الضروريات فقط.

توتر وركود
وانعكست حالة التوتر بعد اختفاء المستوطنين الثلاثة على الأسواق التي باتت تشهد حالة من الركود نتيجة عدم تردد المتسوقين عليها وتحسبهم للأيام القادمة تخوفا من الحرب.
ويقول المواطن خالد عبد الله من رفح الذي يعمل ممرضا في مستشفى ابو يوسف النجار ويتقاضى راتبه من السلطة الوطنية "لست بحاجة الى البذخ، ولن اشتري بعض الحاجيات الضرورية للبيت، فالأوضاع الإقتصادية المحيطة لا تساعد على شراء كل حاجيات شهر رمضان". وأعرب عن تخوفه من تجدد أزمة إغلاق البنوك. ويقول: "يجب ان أحافظ على ما تبقى من الراتب لشراء الحاجات الأساسية في شهر رمضان".
أما يوسف رضوان وهو موظف في حكومة غزة سابقا فيؤكد انه لا يجرؤ على المرور امام المحلات التجارية خشية من مطالبته من قبل اصحابها بالديون المتراكمة عليه على مدار ثمانية شهور لم يتقاض فيها سوى سلف بسيطة من راتبه كان يدفع معظمها لصاحب البيت الذي يستأجره.
ويشير الى انه سيتدبر امره في شهر رمضان المبارك مع اسرته بما توفر من مأكل وشراب دون الاضطرار لشراء ما يعتبره غير ضروري من حلويات ولحوم ودجاج وغير ذلك، ويقول: "لقد بتنا نعتمد على وجبة العدس والفول بشكل رئيسي وشبه يومي الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا".

الحصار الاسرائيلي والفوانيس
ويحل شهر رمضان على سكان قطاع غزة هذا العام بعد تشكيل حكومة التوافق، وفي ظل اجواء مشحونة جراء التهديدات الاسرائيلية بشن حرب ثالثة، واستمرار الحصار للعام الثامن على التوالي.
ويقول محمد رمضان من خان يونس والذي يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد إن غلاء أسعار المواد التموينية الأساسية يجبره على التفكير ألف مرة قبل شراء أي من الاحتياجات الأخرى كفوانيس رمضان للأطفال والمخللات والحلويات.
ويشير الى انه عاطل عن العمل ولا يستطيع حتى شراء الطعام لأسرته لذلك لم يخطر بباله شراء الفوانيس او التمور والاجبان وغيرها من اغراض شهر رمضان المبارك. ويقول: عندما اكون قادرا على شراء الدقيق والارز والعدس سأفكر في تلك الاشياء، فاللحوم والاجبان والتمور لا حاجة لنا بها.
وادى الحصار الاسرائيلي الى توقف نحو 80 % من المصانع بشكل كامل أو جزئي بسبب رفض إسرائيل إدخال مواد البناء والمواد الخام، وارتفاع معدلات البطالة بين صفوف العمال والفنيين تصل إلى أكثر من 80 %، فيما تقدر خسائر قطاع غزة شهريا بـ 50 مليون دولار شهريا حسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار.

التجار ورمضان
ويشكو التجار واصحاب المحال التجارية من ضعف الاقبال من قبل المواطنين على شراء حاجات شهر رمضان المبارك، حيث باتت محلاتهم مكدسة بمختلف أصناف الأغذية والبضائع التموينية والحلويات والمكسرات وغيرها.
وللترويج لبضائعهم وضع اصحاب المحال التجارية حبال الزينة المضيئة وفوانيس رمضان على واجهات وأبواب المحلات التجارية، فيما انتشر باعة بيع العصائر ومحلات القطائف والزلابية والمخللات لاستغلال شهر رمضان في زيادة دخلهم.
ويقول البائع خميس نادي إن غالبية المواطنين يأتون لمعاينة البضائع والاستفسار عن اسعارها ثم يغادرون المحل وأيديهم فارغة أو يكتفون بشراء القليل من المواد الأساسية.
ويخشى التجار من تعرضهم لخسائر جراء تكدس البضائع في محالهم دون بيعها نتيجة قلة الاقبال من المواطنين على الشراء.
ويجد المواطنون من ذوي الدخول المحدود في الأسواق الشعبية في غزة ملاذهم في شراء مستلزمات شهر رمضان وإن كانت بكميات محدودة. وتنتشر الاسواق الشعبية بشكل واسع في قطاع غزة وتتوزع حسب المناطق السكنية مثل (سوق الشيخ رضوان، وسوق السبت برفح، وسوق الاربعاء في خان يونس، وسوق الزاوية، وسوق الشجاعية، وسوق الثلاثاء في الوسطى، وسوق مخيم الشاطئ وغيرها).
ويقول التاجر اسماعيل عيسى "ما زالت الحركة الشرائية في السوق ضعيفة للغاية، وبعد ما شهدته مدينة الخليل من توتر في الأوضاع السياسية والعسكرية من قبل الاحتلال حصلت حركة شرائية للمواد التموينية الضرورية والأساسية فقط".
ويشكو عيسى الذي يملك "ميني ماركت" للمواد التموينية وسط مدينة غزة، من عدد المتسوقين المحدود والاقبال الضعيف على البضائع الخاصة بشهر رمضان.
ويرجع هذا الكساد إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به أهالي قطاع غزة من حصار وارتفاع نسبة البطالة.
ويقول محمد عارف وهو صحاب محل لبيع الدواجن: "نتيجة قلة الاقبال من قبل المواطنين على شراء الدواجن الطازجة لم تشهد اسعارها اي ارتفاع كما يحدث في كل عام".
واضطرت غالبية الأسر الى اعتماد أساليب التقشف في انفاقها على مستلزمات شهر رمضان في ظل المعدلات القياسية من الفقر والبطالة والركود الاقتصادي العام.
وأظهرت تقارير حديثة أن نسب الفقر في قطاع غزة تجاوزت الـ 55%. وحسب منظمات دولية، فان نحو 40 % من سكان القطاع البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر فيما يعتمد 830 ألف نسمة من اللاجئين على المساعدات الغذائية المقدمة من هيئة الأمم المتحدة عبر وكالاتها العاملة في غزة.

تنزيلات
ولمواجهة حالة الركود الاقتصادي وعدم اقبال المواطنين على شراء حاجات شهر رمضان أعلنت مجموعة شركات الوادية الاقتصادية عبر رئيس مجلس إدارتها الدكتور ياسر الوادية عن تنزيل كبير لأسعار الألبان والأجبان لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة الجريح، داعية التجار لمراعاة الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.

تراجع الواردات
ويرجع الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة د. ماهر الطباع اسباب ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين الى استمرار الحصار الاسرائيلي وارتفاع معدلات البطالة والفقر وعدم تلقي موظفي غزة لرواتبهم.
ويقول الطباع: للعام الثامن على التوالي يأتي شهر رمضان في ظل استمرار الحصار الاسرائيلي الذي ادى الى تفاقم الاوضاع الاقتصادية وتوقف العديد من الانشطة الاقتصادية وارتفاع كارثي في معدلات البطالة لتصل الى 41 % في قطاع غزة.
ويشير الى وجود اكثر من 180 الف عاطل عن العمل، ومن المتوقع ارتفاع عددهم الى 200 الف نتيجة استمرار الحصار. ويقول كما ان نسبة الفقر تقدر بـ 38 % ، بالإضافة لارتفاع نسبة الفقر المدقع، وتفاقم ازمة رواتب موظفي غزة على مدار 8 شهور وعدم تلقيهم أي سلف على مدار الشهرين الماضيين.
ويؤكد ان الاسباب السابقة ادت الى ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين ما تسبب في حالة الكساد التي يعيشها قطاع غزة.
ويقول الطباع: تشديد الحصار وإغلاق المعابر أدخل قطاع غزة في مرحلة الموت السريري فكافة القطاعات الاقتصادية تعاني من الركود.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -