غزة تستقبل رمضان بزيادة الفقر وقلة الشراء

غزة تستقبل رمضان بزيادة الفقر وقلة الشراء


أشرف أبو الهور غزة – «القدس العربي»: كباقي المدن المنكوبة أو أشد في كثير من الأحيان، يستقبل سكان قطاع غزة الساحلي المحاصر شهر رمضان هذا العام، فلا شيء تغير عن سابقه قبل عام، سوى التشديد في الحصار المفروض عليهم، الذي أحدثه الوقائع السياسية الجديدة المحيطة، بما فيها حكومة التوافق الجديدة التي لم تشفع لهم برفع الحصار أو فتح المعابر.
فرغم اكتظاظ الأسواق خاصة الشعبية منها المنتشرة في كل المدن وأزقة المخيمات، بآلاف الزائرين، إلا أن نسبة البيع لم تصل للمعدلات السابقة، فالركود بدا واضحا، من انخفاض أسعار السلع، التي لم تلاق أي رواج بين الزبائن، وأولها هدية الأطفال المتمثلة بـ «فانوس رمضان».


في السوق الشعبي بحي الشجاعية يقسم صاحب احد المحال لبيع الألعاب أنه يتكبد خسائر تقدر بنحو دولار أمريكي واحد، في كل «فانوس رمضان» يشتريه السكان، بقيمة تقدر بنحو دولار ونصف، ويقول لـ «القدس العربي» أنه آثر البيع بخسارة، خشية من أن تبقى البضاعة الموسمية هذه للعام المقبل، فيتلف منها ما يتلف، أو أن يتم إدخال أخرى بأشكال حديثه العام المقبل.
ليس بعيدا عن هذا السوق يقع «سوق الزاوية» ملاذ غالبية سكان مدينة غزة والمناطق المجاورة لها، وهناك في هذا السوق ذو الممر الضيق يكتظ عدد كبير من السكان، نساء ورجال يجوبون شارعه القصير أكثر من مرة ذهابا وإيابا، يجوبون بأبصارهم على اليمين والشمال، ينظرون بضائع مكدسة من الأجبان والألبان والتمور والمكسرات المخصصة لحلوى رمضان، جميعهم يعجبون بأشكالها، وقد وضعت بطرق جذابة، لكن قليلون منهم من يخرج من جيوبه نقودا للشراء.
أحلام هي سيدة في منتصف العقد الرابع كانت تسير برفقة زوجها الموظف في السلطة الفلسطينية، في زقاق السوق الشعبي، تقول أن قيمة ما دبرته من النقود لشراء احتياجات رمضان، لا تكفي لنصف المشتريات، فمثلا تشير إلى أنها اشترت نصف كمية التمر المحددة، وألغت من حساباتها شراء المكسرات، واكتفت بشراء جبن قليل الثمن.
ولم تشتك هذه السيدة ولا زوجها على خلاف عادة الغزيين وربما العرب كافة من ارتفاع الأسعار في شهر رمضان، فزوجها أشار بيده إلى نوع من اللحوم المبردة والأجبان، وقال أن ثمنها انخفض بسبب العروض، لكن كرر أن ما يحول دون شرائها هو عدم توفر النقود.
وإن كان حال الموظفين الذين يتلقون رواتبهم على هذا المنوال، فإن الموظفين الذين عينوا في عهد حكومة حماس ولم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر، حالهم أصعب بكثير، هم وقطاعات كبيرة من الفقراء والعاطلين عن العمل.
وكثير من هؤلاء كما محمد فوزي الذي يعمل في أحد فرق الشرطة، لم يتمكن من النزول للسوق حتى اليوم، لعدم حصوله على الراتب، ما حرم أسرته من اقتناء أساسيات الشهر الفضيل، وهو الحال الذي عليه غالبية أسر قطاع غزة التي تعاني من فقر مدقع بسبب الحصار وإغلاق الأنفاق.
فمنذ بداية الحصار المفروض على غزة، وبعد إغلاق أنفاق التهريب التي كانت مقامة أسفل الحدود مع مصر، والتي كان منها يدخل مواد بناء، ساهمت في دوران عجلة الاقتصاد، ارتفعت نسب الفقر والبطالة لأكثر من 45٪.
ويقول ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية والخبير الاقتصادي، أن شهر رمضان يأتي للعام الثامن على التوالي في ظل استمرار وتشديد الحصار، ويشير إلى أن الشهر يأتي على السكان بما يحمله من «أعباء مالية مضاعفة»، في ظل ارتفاع نسبة الفقر إلى 38.8٪ من إجمالي عدد السكان وانتشار ظاهرة الفقر المدقع، خاصة وأن 600 ألف شخص باتوا بلا عمل يومي.
الطباع أيضا يشير إلى قيام إسرائيل بخفض الواردات بنسبة تصل إلى 30٪ التي تدخل لسكان القطاع، ويؤكد أن النسب تمثل»أرقام كارثية» مستدلا على مدى التدهور الاقتصادي و الاجتماعي الذي يعيشه القطاع.
وعلاوة على ذلك تقف العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال ضد قطاع غزة، خاصة القصف الليلي، حائلا دون شعور السكان بلذة الشهر، فتلك القوات التي اعتادت على قصف القطاع ليلا، شرعت في اليوم الأول للشهر بتوجيه ضربات جوية قوية، أفزعت السكان والأطفال وقت السحور.
ورغم ذلك كله شارك أطفال غزة في سلسلة بشرية حاملين فوانيسهم احتفالاً بقدوم شهر رمضان، حمل شعار «سنحتفل برمضان رغم الحصار»، الأطفال رددوا شعارات وهتافات تدعو إلى كسر الحصار ومنحهم حقوقهم المسلوبة، وقالت في الفعالية الطفلة ميد حميد «يصعب عليهم استقبال شهر رمضان المبارك في ظل الحصار»، وأضافت «إننا أطفال فلسطين المحرومون من أبسط مقومات الحياة نرى عوائلنا تعاني من الحصار والإغلاق ونشعر فيهم وهم يحاولون أن يقدموا لنا ما يسعدنا لكن الاحتلال يقف عائقاً أمام ما نريد»، وطالبت العالم بأن ينظر لأهالي قطاع غزة وأن يعمل بكل قوة على رفع الحصار الإسرائيلي الظالم عنهم.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -