حكومة التوافق.. هل تنهي حصار غزة؟


حكومة التوافق.. هل تنهي حصار غزة؟

فلسطين- الوطن- أمين بركة
يعقد الفلسطينيون في قطاع غزة الآمال على حكومة التوافق الوطني لفك الحصار المفروض عليهم منذ نحو ثماني سنوات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق العنان لعجلة الاقتصاد للتحرك بما يحد من نسبتي البطالة والفقر المتزايدتين في السنوات الأخيرة بمعدلات كبيرة.
وأكد رئيس حكومة الوفاق رامي الحمدالله أن حكومته الجديدة ستضع ضمن خطة عملها إعادة إعمار قطاع غزة وحل المشكلات التي يعانيها وخاصة قطاعي الطاقة والمياه.

ويرى محللون سياسيون أنه من الممكن أن تؤدي حكومة الوفاق الوطني إلى تخفيف الحصار على قطاع غزة، ولكن رفعه نهائيا يتطلب مواصلة الجهود في العالم بالضغط على الجهات الرسمية لتبني موقف أكثر مسؤولية تجاه غزة.

ويجمع المحللون على أهمية أن يكون لحكومة التوافق الجديدة دور أكبر وأكثر جدية من خلال طرح مبادرات واضحة لرفع الحصار عن القطاع وعدم الاكتفاء بإبداء التعاطف مع غزة وشجب ممارسات الاحتلال.

ويخشى هؤلاء من انقلاب التوقعات بتفكيك الحصار عن غزة وإنعاش الوضع الاقتصادي واستكمال مشاريع إعادة الإعمار، إلى تشديد الحصار وعدم مقدرة السلطة الفلسطينية على الإيفاء بالتزاماتها في دفع الرواتب والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، خاصة في ضوء التهديدات الإسرائيلية بالتضييق المالي على الفلسطينيين، ما يعيد إلى الأذهان مشهد حصار حكومة الوحدة التي تشكلت بعد بمارس 2007.

وأثار تشكيل حكومة التوافق غضب حكومة الاحتلال الإسرائيلي، حيث فوض المجلس الوزاري المصغر «الكابينيت» رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو باتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة ضد السلطة لعقدها اتفاق مصالحة مع حركة «حماس».

وكشف مسؤول فلسطيني مطلع النقاب عن أن السلطات الإسرائيلية لن تدخل أي تسهيلات على دخول مواد البناء والصناعة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلى غزة على أقل تقدير.

ويعيش 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة، واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا منذ ثماني سنوات، خاصة في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن قطاع غزة اعتمد بعد عام 2007 بشكل كبير على تلك الأنفاق لإدخال البضائع الضرورية من مصر لسد احتياجات أهالي قطاع غزة اليومية، خاصة وأن نحو 52 % من مجموع سكان قطاع غزة، هم من الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر.

وأدت الحملة التي يشنها الجيش المصري على الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة منذ عزل الرئيس محمد مرسي إلى تقلص كميات المواد المدخلة عبرها بشكل كبير، ما انعكس بالسلب على مختلف مناحي الحياة في القطاع، ونتج عنه ارتفاع أسعار الوقود ومواد البناء والسجائر.

وتدخل البضائع بشكل رسمي إلى غزة عبر معبر كرم أبوسالم وهو المعبر الوحيد الذي وافقت إسرائيل على استمرار العمل فيه كمعبر تجاري، بعد إغلاق ثلاثة معابر رئيسية هي صوفا وناحل عوز والمنطار، فيما لم يعد يدخل من الأنفاق الحدودية مع مصر أي وقود في ظل إغلاق معبر رفح البري.

كما يعاني غزة من إغلاق معبر رفح بشكل شبه مستمر منذ عام 2007، أي بعد انسحاب الوفد الأوروبي الذي كان مسؤولا عن المراقبة في المعبر وفق اتفاقية المعابر التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال عام 2005.

ويحذر اقتصاديون من أن أهالي قطاع غزة سيواجهون آثارا كارثية في المدى المنظور مع استمرار الحصار وإغلاق معبر رفح، خاصة في ظل الطلب المتزايد على السلع والبضائع.

وتتزايد احتياجات قطاع غزة للأغذية في ظل ارتفاع النمو السكاني الذي يصل إلى نحو 4 % سنويا.. حيث يحتاج سكان القطاع يوميا إلى 650 طنا من القمح و73 طنا من الأرز فضلا عن 43 طنا من الزيوت وستة أطنان من الشاي ناهيك عن 230 طنا من الحليب، وهي المادة الأهم للمجتمع في القطاع، وبشكل أساسي للأطفال الذين يشكلون نسبة كبيرة منه.

خطوات رسمية

وقال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري: إن الممر المائي بين قطاع غزة والعالم مطلب عاجل أمام حكومة الوفاق الفلسطينية.

وأضاف الخضري: إن من أولى مهام حكومة التوافق رفع الحصار عن قطاع غزة، مشيرا إلى أن لجنته ستعمل على تفعيل البعد الشعبي إلى جانب الخطوات الرسمية لإنهاء الحصار.

وشدد على أن الحصار الإسرائيلي مازال مستمرا، كما كان قبل ثمانية أعوام، بل شدده الاحتلال بمنع دخول مواد البناء والمواد الخام ما رفع معدلات البطالة لأكثر من 50 % فيما وصلت نسبة الفقر 70 %، ويعتمد مليون فرد على المساعدات.

وأكد الخضري أن أهم محددات رفع الحصار تلبية رغبة المتضامنين الذي جاؤوا قبل أربعة أعوام بإقامة الممر المائي بين غزة والعالم الخارجي ليكون شكلا عمليا وحقيقيا لإنهاء الحصار، وفتح كل المعابر دون استثناء والسماح بحرية الحركة للأفراد والبضائع، وفتح الممر الآمن الذي يربط غزة بالضفة الغربية، وإعادة بناء وتشغيل ميناء غزة الدولي.

كما دعا إلى معالجة أمر المشاريع المجمدة بسبب الانقسام، وإعطاء التعويضات للقطاع الصناعي الذي تعرض للتدمير في الهجمات الإسرائيلية، لافتا إلى أهمية البحث عن مستثمرين فلسطينيين لتوجيه استثماراتهم في المشاريع الوطنية بغية تحقيق أكبر استفادة.

وأكد الخضري أنه بالتزامن مع الأجواء الإيجابية والسعي لإنجاز المصالحة الفلسطينية تشدد إسرائيل حصارها ضد قطاع غزة بإغلاق المعابر، مضيفا: إن إغلاق إسرائيل لمعبري كرم أبوسالم وبيت حانون بين الفينة والأخرى إمعان في الحصار والإغلاق، وعدوان مستمر على الشعب.

وأشار الخضري إلى أن الإغلاق يمس بوصول المساعدات ومستلزمات الحياة الأساسية إلى قرابة مليوني مواطن في غزة، ويمنع عشرات الحالات المرضية من التنقل للعلاج.

وقال: «يجب على إسرائيل فتح المعبر كليا والسماح بالاستيراد والتصدير دون قوائم ممنوعات بدلا من تشديد إغلاقه وفرض قيود جديدة تضر بمختلف فئات الشعب الفلسطيني وتؤثر سلبا على القطاعات الإنسانية والصحية والخدماتية».

وجدد الخضري الدعوة لحراك عربي وإسلامي ودولي لإنقاذ الوضع الإنساني المتأزم والصعب في غزة، والضغط تجاه إنهاء الحصار بشكل كامل.

بدوره، يؤكد المحلل السياسي عصام عدوان أن الجهود المبذولة لكسر حصار غزة على الأقل مازالت هي في حدها الأدنى، ويجب العمل على مضاعفتها لمرات عدة.

وشدد على ضرورة تحرك كل أطياف الشعب الفلسطيني وعلى رأسها الفصائل، والمنظمات الأهلية والحقوقية، والنقابات، والجامعات وأساتذتها، والشخصيات المستقلة، والإعلاميون، من أجل العمل على كسر هذا الحصار وخاصة من الجانب المصري.

وأشار إلى تنظيم حراك هذه الفئات يجب أن يكون في حركة دؤوبة لا تتوقف على مدار الأيام، وتتواصل خلالها حكومة التوافق الفلسطينية؛ مع المجتمع الدولي، ومع الإدارة المصرية القائمة، ومع الأحزاب والنقابات والمنظمات الأهلية والشخصيات الاعتبارية في الخارج وخاصة في مصر من أجل فتح معبر رفح.

وأكد ضرورة توجيه قوافل التضامن مع غزة إلى مصر لمقابلة المسؤولين والقوى الشعبية والنقابية وخلق رأي عام فيها ضد حصار غزة.

ودعا لتوفير تغطية إعلامية عالية لهذا الحراك الرسمي والشعبي، والتركيز الإعلامي على تفاصيل هذه الجهود، واستضافة القائمين عليها في مختلف الفضائيات المتاحة.

وأشار إلى أن الحصار لا يطال حماس وحدها بل يتضرر منه كل أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، موضحا أنه لم يعد مقبولا ولا مبررا بعد إعلان حكومة التوافق الوطني أن يستمر الحصار، وأن يشعر الفلسطيني في الضفة بأنه غير معني بما يجري للفلسطيني في غزة.

وبين أن قطاع غزة جزء عزيز من الوطن الفلسطيني، وليس فلسطينيا من يزهد فيه أو يضحي به، أو يتقاعس عن نصرته.

ولفت إلى أنه على القيادة السياسية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية إيصال قضية حصار غزة إلى أروقة الأمم المتحدة لاستصدار قرار واضح وملزم لفك الحصار. 

وطالب القادة العرب بتنفيذ قراراتهم السابقة بشأن فك الحصار، وبذل كثير من الجهود العلنية على المستويين الرسمي والشعبي، وعلى الساحات الفلسطينية والعربية والدولية من أجل تحقيق ذلك، ولكي يذوق شعبنا إحدى ثمار المصالحة الوطنية.

ويذكر أن وفدي منظمة التحرير الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية حماس قد وقعا في غزة اتفاقا ينهي حالة الانقسام الداخلي، واتفقا على وضع الجداول الزمنية لتطبيق اتفاقيات المصالحة الوطنية.

واتفقت حركتا «فتح وحماس»، على تولي رامي الحمدالله، رئيس الحكومة في الضفة، منصب رئيس حكومة التوافق التي تتشكل من المستقلين والكفاءات ولا تضم أي وزير من حركة التحرير الفلسطيني «فتح» أو «حماس» أو أي تنظيم آخر، وهي تعترف بإسرائيل وبالشرعية الدولية.

ومنعت السلطات الإسرائيلية سفر ثلاثة وزراء من غزة إلى الضفة الغربية لأداء القسم الدستوري أمام الرئيس عباس في مقر المقاطعة في رام الله.

تصميم على كسر الحصار

ويؤكد عضو وفد منظمة التحرير إلى المصالحة مصطفى البرغوثي أن الجميع يدرك خطورة التهديدات بفرض الحصار، مبينا أن قطاع غزة ينتظر تحسين ملفات المعابر مع إسرائيل ومعبر رفح مع مصر، واستقرار الأوضاع.

وأضاف: «أعتقد أن تصميمنا وإرادتنا ستكون أهم وسيلة لمواجهة المقبل، فإذا أدرك من يحاول أن يحاصرنا أن لدينا تصميما على السير في هذا الوفاق، فسينهار الحصار، ولو صمدت حكومة الوحدة الوطنية عام 2007 لما حدث ما حدث».

واعتبر البرغوثي أن تشكيل حكومة مهنيين مستقلين من تكنوقراط برئاسة الرئيس أبومازن، لن يترك أي حجة للأطراف المختلة بادعاء أن هناك سببا لفرض الحصار، لافتا إلى أن مساندة مصر وترحيبها بالمصالحة يبشر بأن الحكومة المقبلة التي ستتشكل بسرعة، وستنجح في قضية المعابر لتكون أول رسالة إيجابية للشعب الفلسطيني.

وتابع: «أعتقد أن المواطن الفلسطيني سيلمس تغيرات إيجابية وبناءة فور تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية».

وأشار إلى أن وحدة الموقف الفلسطيني ستؤدي قطعا إلى تعزيز المواقف الداعية إلى كسر الحصار، وإذا تحقق ذلك، فإنه يقتضي التوافق على صيغة لفتح المعابر وهذا من شأنه أن يذلل إحدى العقبات الموجودة في ملف المصالحة.

في سياق متصل، قال رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري بأن قطاع غزة بحاجة ماسة إلى رفع الحصار الجائر عنه وهي الأولوية الأولى، مشيرا إلى أن هناك جهودا لتجسيد فكرة عقد مؤتمر استثمار في قطاع غزة خلال الأشهر القريبة المقبلة، لأن عقد المؤتمر في قطاع غزة له أهمية اقتصادية وسياسية كبيرة، ويجب لفت أنظار العالم إلى هذا الجزء المهم من الدولة الفلسطينية العتيدة.

وأكد المصري أن هناك اتصالات مع العديد من رجال الأعمال والمستثمرين للتشاور معهم وحثهم على المشاركة والاستثمار في قطاع غزة على وجه الخصوص، مضيفا أن هذه الاتصالات تشتمل على الداخل والشتات بالإضافة إلى شخصيات عربية وأجنبية.

وشدد المصري على أن هذا المؤتمر يهدف إلى كسر الحصار عن قطاع غزة، وتشجيع الاستثمار الفلسطيني والعربي والدولي، كركيزة أساسية في بناء الدولة الفلسطينية، وخلق فرص عمل وبالتالي التخفيف من حدة البطالة والفقر الذي يعاني منها قطاع غزة جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

وحمل المصري إسرائيل مسؤولية أي فشل في حال أن أعاقت وصول الوفود إلى قطاع غزة، أو اتخذت أية إجراءات أخرى من شأنها أن تضعف من حجم المشاركة أو من إمكانات الاستثمار في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

ويرى أن أهم نتائج المصالحة، هو مقدرتها على فتح المعابر وإدخال مواد البناء ودوران عجلة الاقتصاد، ليتمكن من العودة إلى العمل والفكاك من حالة الفقر.

من جهته، قال المحلل الاقتصادي، ماهر الطباع: «إن الحكومة القادمة مقبلة على العديد من التحديات فيما يتعلق بحصار غزة والتي من أهمها الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار جميع المعابر التجارية وإدخال كل احتياجاته من الواردات من جميع السلع والبضائع دون التحكم بالنوع والكم ودون قيود أو شروط».

وشدد الطباع على أن الحكومة المقبلة عليها معالجة كل القضايا التي أثرت على القطاع الخاص في قطاع غزة وأسهمت في ضعفه وعدم نموه، وكان لها الأثر الأكبر على الشركات الكبرى التي لها علاقة بين الجانبين، مثل المصارف وشركات التأمين والشركات المساهمة العامة وبعض الشركات المساهمة الخصوصية.

وأكد ضرورة أن تبدأ الحكومة فور تسلمها لمهامها بوضع استراتيجية عاجلة بمشاركة جميع الأطراف ذات الشأن والعلاقة بالاقتصاد لمعالجة التشوهات في الاقتصاد الفلسطيني، والتي أدت إلى ضعف نموه وأسهمت في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لكل الأنشطة الاقتصادية وتسببت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى معدلات كارثية.

وقال: «إن تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخفض معدلات البطالة والفقر من أهم التحديات التي سوف تواجه الحكومة في المرحلة المقبلة، ولتحقيق ذلك يجب البدء بإطلاق المشاريع الاستثمارية ذات التنمية المستدامة وبذل الجهود في إعادة النهوض من جديد بكل الأنشطة الاقتصادية الصناعية والزراعية والسياحية وغيرها من المشاريع الاستراتيجية وأهمها في قطاع غزة وإعادة بناء مطار غزة الدولي وميناء غزة البحري ومشروع التنقيب عن الغاز في شواطئ غزة».

وأضاف: «يجب على الحكومة الجديدة المطالبة الفورية بتنفيذ قرارات مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في الثاني من مارس 2009 بعد الحرب الأولى على غزة، حيث تعهد المانحون خلال المؤتمر بتقديم 4.5 مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة لم يصل منها شيء حتى الآن».

وأكد أن المطلوب من جميع شرائح المجتمع الفلسطيني بكل أطيافه وخاصة السياسيين وصناع القرار استغلال الفرصة التاريخية للمصالحة والوقوف صفا واحدا لوضع الآليات الجادة لإنهاء الانقسام ودعم حكومة الوحدة الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والعمل على تحقيق الحلم الفلسطيني بقيام الدولة.

تداعيات خطيرة

وكان تقرير حقوقي أعده مركز حماية حقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة أصدقاء الإنسان الدولية النمساوية خلص إلى أن الخطر يتهدد مستقبل الحياة الإنسانية في قطاع غزة، وينذر بوقوع جملة من الكوارث الإنسانية في الصحة والإنتاج والحياة المعيشية وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ثماني سنوات.

ويرصد التقرير كل تداعيات الحصار الإسرائيلي على وجه الحياة في غزة خلال عام 2013، مدعمة بحقائق وأرقام تفصيلية مستندة إلى بيانات رسمية وتقديرات باحثين ميدانيين.

ويبين التقرير المعنون بـ «ثمن الحصار» أن الجهود الدولية لإنعاش المحاصرين في القطاع تستنزفها سياسات الاحتلال الإسرائيلي وهجماته، وهو ما تسبب في الحد من قدرتها على التخفيف من وطأة الحصار على المدنيين.

واستنادا إلى التقرير، فإن الأوضاع الاقتصادية في القطاع تدهورت بشكل كبير جدا، وتسببت في زيادة مستوى الفقر في صفوف السكان إلى 39 %، يقبع أكثر من ثلثيهم تحت خط الفقر المدقع.

كما أن معدلات البطالة وصلت إلى أكثر من 40 % في صفوف سكان غزة، نتيجة إغلاق الكثير من المصانع والقطاعات الإنتاجية أبوابها بسبب المشكلات المتعددة الناجمة عن عدم توفر الطاقة ومنع دخول المواد الخام اللازمة لتشغيل المنشآت الصناعية.

ويتطرق التقرير بالتفصيل إلى الخسائر الاقتصادية التي تكبدها القطاع خلال العام الماضي نتيجة إغلاق الأنفاق ووقف إمدادات الوقود ومواد البناء، وما نجم عن ذلك من توقف قطاع البناء والإنشاءات وتضرر قطاع الصيد والزراعة، وتعطل قطاع الخدمات وتجميد مشاريع تحسين الوضع الصحي والتعليمي، والحد من مخاطر تردي الوضع المائي والصرف الصحي.

ويقدر القائمون على التقرير- الذي أعلن عن جانب من تفاصيله في مؤتمر صحفي بمدينة غزة أمس على مقربة من إحدى المدارس التي لم يكتمل بناؤها بعد- حجم الخسائر الاقتصادية في القطاع منذ أحداث الثالث من يوليو الماضي في مصر بنحو نصف مليون دولار.

وحذر رئيس مركز حماية لحقوق الإنسان محمد النحال من تعرض قطاع غزة لظروف أكثر مأساوية في حال عدم مضاعفة المؤسسات الدولية- وبالتعاون مع المؤسسات الرسمية والأهلية- جهودها لإنعاش القطاع خلال الأشهر المقبلة.

وأضاف أن غزة بحاجة عاجلة إلى فتح معابر قطاع غزة الإسرائيلية ومعبر رفح مع مصر، وتدخل الجامعة العربية لتطبيق قرارها الداعي إلى رفع الحصار عن غزة بما يسمح بدخول كل مستلزمات الحياة.

وحذر من تفاقم خطير في أوضاع قطاع غزة مع ارتفاع نسب البطالة عند نهاية العام الماضي إلى 38.5 % من السكان وتوقع وصولها إلى 43 % نهاية العام الجاري.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -