مختصون يشكّكون بواقعية اقتراح حكومة حماس بخصخصة معابر غزة

مختصون يشكّكون بواقعية اقتراح حكومة حماس بخصخصة معابر غزة

قالوا إن نجاح الاقتراح يحتاج إلى إنهاء الانقسام وتوافق فلسطيني فلسطيني

غزة/علا عطاالله/الأناضول: 24-2-2014

شككّ اقتصاديون فلسطينيون بواقعية اقتراح الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة، والذي يقضي بخصخصة، وإدارة المعابر مع إسرائيل ومصر.

وقال رجال أعمال وخبراء في الشأن الاقتصادي في أحاديث لـ"الأناضول" إن ما تطرحه الحكومة التي تديرها حركة حماس، من نقل سيطرة المعابر إلى القطاع الخاص، يبدو في الوقت الراهن حلا غير قابل للتطبيق، ويفتقد للرؤية العملية.

وكان زياد الظاظا نائب رئيس وزراء الحكومة في غزة ووزير المالية فيها، قد صرح قبل أيام، بأن حكومته اقترحت نقل السيطرة على المعابر الرئيسية مع إسرائيل ومصر إلى القطاع الخاص.

وقال إن حكومته على اتصال بقيادات من رجال الأعمال، لمناقشة ودراسة اقتراح خصخصة المعابر.

وأضاف : "قلنا لهم اذهبوا وأجروا مناقشاتكم مع إسرائيل ومصر".

ويتساءل مازن العجلة، خبير الاقتصاد الفلسطيني عن جدوى وفعالية هذا الاقتراح أمام معابر محكمّة الإغلاق.

ويقول العجلة، في حديث لـ"الأناضول" إنّ خصخصة المعابر فكرة جادة، وتلعب دورا بارزا في حل الأزمات المتراكمة والتي يعاني منها قطاع غزة.

غير أن هذا الاقتراح في الوقت الراهن يبقى في إطاره النظري بعيدا عن الواقع العملي، والقانوني فخصخصة المعابر تحتاج لإنهاء الانقسام الفلسطيني.

وفي صيف يونيو /حزيران 2007 انقسمت فلسطين إلى حكومتين الأولى في غزة، والثانية في الضفة بعد الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس والذي انتهى بسيطرة الأخيرة على القطاع.

ورغم الصراع السياسي والميداني، إلا أن حكومة غزة، التي تديرها حركة حماس، وحكومة الضفة الغربية، التي تديرها حركة فتح، حافظتا على درجة متدنية من التنسيق في مجالات "التعليم والصحة، والشؤون المدنية".

ويرى العجلة، أن حكومة حماس تطلق مثل هذه التصريحات، في محاولة منها لتصدير "أزمتها" ونقلها للقطاع الخاص.

وتابع: " ما تعيشه غزة من مأساة إنسانية، وتفاقم لمعدلات الفقر، والبطالة لا يحتاج إلى مفردات إنشائية، بل إلى حل عملي يتمثل في إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية."

ويعاني 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة من أزمات خانقة ومشاكل إنسانية متراكمة، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتراجع معدلات النمو، وشلل في كافة الأنشطة الاقتصادية خلّفها اشتداد وطأة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سبعة أعوام، بالتزامن مع إغلاق الأنفاق التي كانت تربط القطاع مع مصر.

ويمكن للشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تلعب دورا هاما في تحسين الظروف المعيشية لقرابة مليوني مواطن كما يؤكد نبيل أبو معيلق، نقيب المقاولين الفلسطينيين في قطاع غزة,

غير أن أبو معيلق شدد في حديثٍ لوكالة "الأناضول" على أن الحديث عن خصخصة المعابر يحتاج إلى رؤية عملية واضحة، بعيدة عـن الجوانب النظرية، والعاطفية.

وتابع: " القطاع الخاص يسعي دوما لحل المشاكل والأزمات التي وصلت الآن لحد غير مسبوق في غزة، ولكن اقتراح خصخصة المعابر وتولي القطاع الخاص لإدارتها يحتاج إلى إنهاء الانقسام وتوافق فلسطيني-فلسطيني ."

وأضاف أنه في حال وافقت شركات خاصة على تولي إدارة معبر رفح، فلن تقبل السلطات المصرية سوى أن يكون هذا الاقتراح ضمن موافقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

ويطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس زعيم حركة فتح، بإعادة العمل في معبر رفح وفق اتفاق المعابر في 2005، وهو الأمر الذي ترفضه حركة حماس، والتي تدعو إلى سيادة مصرية فلسطينية على المعبر.

وكانت السلطة الفلسطينية قد وقعت مع إسرائيل في 2005 اتفاقا خاصا بإدارة معبر رفح، يقضي بتولي طواقم حرس الرئاسة الفلسطينية ومراقبين أوربيين إدارة المعبر، وبإشراف إسرائيلي عن طريق المراقبة عبر كاميرات تلفزيونية.

ويعتبر معبر رفح هو المعبر البري الوحيد الذي يسمح للفلسطينيين بالخروج من القطاع إلى مصر ومنها إلى جميع دول العالم.

لكن السلطات المصرية، ما تزال تفرض شروطا على حرية التنقل بواسطة المعبر، حيث تفتح المعبر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو/ تموز الماضي بشكل استثنائي وعلى فترات متباعدة لدخول أصحاب الحالات الإنسانية.

ويسود التوتر الشديد بين القيادة المصرية الحالية، وحركة حماس، التي تحكم القطاع وتشترك مع جماعة الإخوان المسلمين، في المرجعية الفكرية.

ويرى علي الحايك، رئيس رجال الأعمال الفلسطينيين في غزة أن القطاع الخاص سيكون عاجزا عن ممارسة أي دور يتعلق بالسيطرة على المعابر مع إسرائيل دون توافق فلسطيني وإنهاء الانقسام.

وقال الحايك في حديث لوكالة الأناضول" إنّ ممثلي القطاع الخاص يسعون للتخفيف من القيود المفروضة على القطاع.

غير أن اقتراح خصخصة المعابر يحتاج كما يؤكد الحايك، إلى مناخ واقعي وعملي لا يتوفر في الوقت الراهن.

ويتولى القطاع الخاص بغزة الكثير من المهام من أبرزها اللقاءات المشتركة بين السلطة الفلسطينية وهيئة المعابر الإسرائيلية برفقة ممثلين دوليين وأوربيين من أجل تسهيل حركة مرور الشاحنات إلى القطاع.

وبعد أن فرضت إسرائيل على غزة حصارا مشددا في عام 2007 أغلقت أربعة معابر تجارية رئيسية تتحكم بها وهي : المنطار (كارني) شرق مدينة غزة، وكان من أهم المعابر وأكبرها من حيث عبور السلع التجارية ، والعودة (صوفا) شرق رفح، والشجاعية (ناحال عوز) شرق مدينة غزة ، والقرارة (كيسوفيم) ويقع شرق خان يونس.

وفي وقت اعتمدت فيه على كرم أبو سالم لنقل البضائع بشكل محدود وجزئي إلى القطاع، أبقت على معبر بيت حانون (إيريز) شمال القطاع بوابة لتنقل عدد محدود من الأفراد بين غزة وإسرائيل.

وستخفف فكرة خصخصة المعابر من معدلات انتشار البطالة والفقر، والتي تتفاقم يوما بعد آخر كما يؤكد ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة.

غير أن هذه الفكرة تصطدم كما يقول الطباع في تصريح لوكالة "الأناضول" بالواقع الحالي والذي لا يتماشى مع اقتراح خصخصة المعابر.

وأضاف أن فكرة "الخصخصة" طرحها البنك الدولي في عام 2033، ضمن توصياته لحل أزمة معابر القطاع, وتم إعادة طرح هذه الفكرة بعد أن فرضّت إسرائيل حصارها الخانق على غزة عام 2007 وأغلقت على إثره المعابر التجارية.

وأضاف الطباع أن الحديث عن الخصخصة لا يجب أن يتم طرحه كمحاولة لإيجاد حل لأزمة الحكومة في غزة، وإنما المطلوب بلورة وطرح هذه الفكرة كمخرج عملي، للخروج من الوضع الصعب والمتردي.

وتابع: " معدل البطالة يقفز إلى حدود خيالية، والفقر يزداد، وآلاف العمال عاطلين، ومثل هذه المقترحات بحاجة إلى تفكير جاد وعملي، ولكي يصبح الأمر واقعا على الفلسطينيين أن ينهوا انقسامهم، ويشكلوا حكومة وحدة وطنية قادرة على إنعاش الاقتصاد الميت."

وكان علاء الرفاتي، وزير الاقتصاد في الحكومة المقالة بغزة، قد أكد في تصريح سابق لوكالة الأناضول" أن حكومته تسعى جاهدة لتوفير المناخ لعمل القطاع الخاص.

وكشفت الحكومة المقالة مؤخرا، عن اتصالات يجريها القطاع الخاص في غزة، مع نظيره المصري، نتج عنها تأكيدات مصرية بالسماح بتوريد مواد بناء لغزة بداية مارس المقبل.

وأضاف الرفاتي أن كافة الحلول مطروحة من أجل إنقاذ اقتصاد غزة والذي يتكبد خسائر فادحة بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر, بالتزامن مع إغلاق الأنفاق المنتشرة على طول الحدود المصرية الفلسطينية.

وفي ختام عام 2013 أكدت وزارة العمل في الحكومة المقالة بغزة أن معدلات البطالة وصلت إلى ما يقارب 34%.

وتقول الوزارة إن هذا المعدل ارتفع بشكل غير مسبوق لأسباب اقتصادية عديدة في مقدمتها ما خلّفه إغلاق الأنفاق التي كانت تربط القطاع مع مصر.

وتحذر اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار من ارتفاع نسبة البطالة، والفقر في قطاع غزة لتصل لأكثر من 50% في العام الجاري.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -