خطة كيري "حبة أكامول" لتسكين الأزمة الاقتصادية وليس حلّها!

*استثناء الخبراء الفلسطينيين من طاقم إعداد الخطة وغزة تُلقى إلى دائرة المجهول 
خطة كيري "حبة أكامول" لتسكين الأزمة الاقتصادية وليس حلّها!
2014-01-05
الاقتصادي- حسناء الرنتيسي- كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن خطة  كيري الاقتصادية التي اختلف السياسيون والاقتصاديون في تقييمها، والتي تضمنت بنودًا وتفاصيل تحدثت في مضمونها عن تقديم مساعدات بـ4 مليارات دولار للسلطة الفلسطينية خلال ثلاث سنوات، لبناء 40 ألف شقة، وتصدير منتجات قطاع غزة إلى إسرائيل والضفة، إضافة إلى إنشاء مصنع إسمنت فلسطيني، وانشاء مطار فلسطيني على الأراضي الأردنية في غور الاردن، والسماح للسلطة لتهيئة وإعداد البنية التحتية في المنطقة المصنفة C والواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، وتطوير حقل غاز غزة البحري.
كما تضمنت موضوع التواجد الاسرائيلي العسكري في منطقة الأغوار والإشراف الفلسطيني ـ الاسرائيلي المشترك على الحدود بين الضفة الغربية والأردن كشرط أساسي، إضافة إلى وضع محطات إنذار مبكر على الجبال والتلال في الضفة الغربية، والتعهد بتقديم معدات عسكرية متطورة بما فيها طائرات دون طيًار لكشف أعمال التجسس، مع بقاء المستوطنات تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية.
تغييب للخبراء الفلسطينيين
من بين أهم الانتقادات على الخطة انه لم يتم اشراك الخبراء الفلسطينيين في وضعها، رغم أنها تناولت الشأن الفلسطيني بأدق تفاصيله.
ويؤكد الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، أن الحديث عن الخطة ما يزال طي الكتمان، ولم يُشرك المجتمع المدني ولا المؤسسات الفلسطينية في إعدادها.
وأشار د. عبد الكريم إلى أن الخطة "عبارة عن تصورات فقط، ولم ترق بعد إلى أن تكون خطة، وهي غير رسمية وغير نهائية"، معربًا عن أمله أن تُناقش الخطة وطنيًا وأن تحصل على إجماع قبل الإقرار.
وانتقد الخبير الاقتصادي د. ماهر الطباع غياب مشاركة الخبراء والفنيين الفلسطينيين في وضع الخطة التي استهدفت بالفعل القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الحيوية، وبخاصة أن هؤلاء الخبراء الأقرب من الواقع الفلسطيني.
تعميق للاحتلال الاقتصادي!
ورأى د. الطباع أن " المبادرة تعمق ربط الاقتصاد الفلسطيني بنظيره الاسرائيلي، حيث إن الخطة الاقتصادية الجديدة لإنماء فلسطين هي استمرار لسياسة ابقاء الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة الاسرائيلية".
وتساءل د. الطباع " ألا يكفي ربط الاقتصاد الفلسطيني بنظيره الاسرائيلي من خلال الاتفاقيات المجحفة والمتمثلة باتفاقية باريس الاقتصادية، كي نربطه من خلال المبادرات والتى من المفترض أن تهدف إلى تعزيز واستقلالية الاقتصاد الفلسطيني؟! .
وأضاف "أي خطة اقتصادية يجب أن تعتمد على طرق وآليات للربط الجغرافى بين قطاع غزة والضفة الغربية، حرية حركة الأفراد والبضائع دون التدخل الاسرائيلي، وذلك لتنمية التجارة والسياحة الداخلية بين شطري الوطن".
ورأى د. الطباع أن هناك ضرورة لإزالة الحواجز الموجودة بين محافظات الضفه الغربية، مع بقاء اعتبار الجدار الفاصل كأهم المعيقات في وجهة أي خطط للتنمية الاقتصادية .
وتابع  "في حال استمرار الوضع على ماهو علية دون حل سياسي لحالة الانقسام الفلسطيني، لن يستفيد قطاع غزة من خطة التنمية في حال تم تطبيقها، نتيجة عزوف العديد من المؤسسات الدولية عن العمل في قطاع غزة، وإستمرار الحصار المفروض منذ أكثر من سبع سنوات ومنع دخول كافة الواردات من السلع، كذلك منع الصادرات من قطاع غزة".
كما انتقد د. الطباع عدم تطرق الخطة للحديث المباشر عن الأزمة المالية للسلطة وطرق معالجتها في ظل تركم ديون على السلطة تتجاوز 4 مليارات دولار .
لاحل اقتصاديًا دون تسوية سياسية
محللون اقتصاديون وسياسيون رأوا في الخطة أنها مجرد إدارة للازمة، وليست حلاً جديًا لها، د. سمير عبد الله، مدير عام معهد الأبحاث والدراسات الاقتصادية "ماس"، قال لـ"الاقتصادي" " كيري يبذل مساعيه، لكن عليه أن يتجه إلى الحل السياسي إذا كان جادّا في حل الأزمة الاقتصادية، فالسلام الحقيقي سيوقف الاقتصاد الفلسطيني على رجليه، وحينها لن نحتاج للمساعدات الدولية"، منوهًا إلى أنه في حالة إنهاء الاحتلال  ستكون هناك استثمارات تعزز من النمو الاقتصادي وتمكن القطاع الخاص من حلّ أزماته دون الحاجة لهذا الكم من المساعدات الدولية.
وأشار د. الطباع من جهته الى أن المسميات تعددت لخطط ومبادرات اقتصادية خاصة بالاقتصاد الفلسطيني، فتارة تسمى مبادرة وتارة يطلق عليها السلام الاقتصادي، لكن كلها تأتي في سياق إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتطويره وتنميته، لكن للأسف الشديد لم يتحقق أي شيء من تلك المبادرات، فالاقتصاد الفلسطيني ما زال يعاني من ضعف كافة الأنشطة الاقتصادية ومعدلات البطالة المرتفعة".

ويعتقد  د. الطباع أن  أي مبادرات اقتصادية تطرح دون أي حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية ستبقى حبرًا على ورق، لأن فرصة اجتذاب استثمارات محلية وأجنبية تسهم في رفع معدلات النمو وخفض معدلات البطالة المرتفعة ستظلّ ضئيلة دون استقرار سياسي واقتصادي في المنطقة لعدة سنوات قادمة .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -