2013‭‬ أوصل‭ ‬اقتصاد‭ ‬غزة إلى‭ ‬حافة‭ ‬الانهيار

2013‭‬ أوصل‭ ‬اقتصاد‭ ‬غزة إلى‭ ‬حافة‭ ‬الانهيار

يعد عام 2013 الأسوأ على الاقتصاد الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة، مع اشتداد الأزمات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة التي عصفت بالاقتصاد الفلسطيني، وجعلته على شفا الانهيار. وخلّفت هذه الأزمات خسائر مادية مباشرة لجميع الأنشطة الاقتصادية، بما يزيد على 500 مليون دولار خلال النصف الثاني من عام 2013، إذ تراجعت مساهمة الأنشطة الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% خلال تلك الفترة، إضافة إلى ما تكبده التجار ورجال الأعمال والصناعيون من خسائر نتيجة توقف أعمالهم.

وتعددت الأزمات خلال العام الماضي من تأخر الرواتب، وأزمة انقطاع الكهرباء، وإغلاق الجانب المصري الأنفاق الحدودية، وتحكم الاحتلال في المعابر التجارية، وما تبعها من نقص في المواد الخام ومواد البناء، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود، الأمر الذي تسبب بحالة ركود في الحركة التجارية لجميع القطاعات، وتوقف شبه كامل لحركة البيع والشراء في الأسواق.
وتطابق آراء الخبراء والمحللين التقارير الإحصائية الجازمة بحالة الركود غير المسبوق للاقتصاد الفلسطيني في 2013، إذ أشارت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بزيادة معدلات البطالة خلال الربع الأول من 2013 إلى نحو 27.56%، إضافة إلى تقارير البنك الدولي التي أشارت إلى أن حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الفلسطيني خلال العام الماضي بلغ 3.4 مليارات دولار، وحصول غزة على المرتبة الثالثة عربياً في انتشار الفقر.
ويقول مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الفلسطينية في غزة ماهر الطباع لـ«الإمارات اليوم»: «في بداية عام 2013 ساد التفاؤل بأن ينتعش اقتصاد قطاع غزة من جديد، بالتزامن مع بدء تنفيذ المشروعات القطرية في القطاع، واستمرار دخول المواد اللازمة لهذه المشروعات عن طريق مصر من خلال معبر رفح البري، ما أعطى بريق أمل جديد لإعادة فتح معبر رفح التجاري بعد إغلاقه تجارياً مع بدء انتفاضة الأقصى عام 2000».
ويضيف أن عدداً من المحللين اعتبروا أن دخول مواد البناء عبر معبر رفح خطوة مهمة على طريق كسر الحصار المفروض على غزة «لكن للأسف الشديد مع مجريات الأحداث على مدار العام والمتغيرات التي شهدها جعلته أسوأ الأعوام اقتصادياً، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه سيكون 2014 عام الانهيار الاقتصادي».

إغلاق المعابر
عمد الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الماضي إلى تكرار إغلاق معبر كرم أبوسالم فترات متفاوتة، ضارباً عرض الحائط بما تم التوصل إليه في اتفاق التهدئة الذي تم توقيعه في القاهرة، والقاضي برفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر التجارية، إلى جانب حرية دخول وخروج البضائع. وبلغ عدد الأيام التي أغلق فيها معبر كرم أبوسالم، بحسب الطباع، 150 يوماً خلال عام 2013، وهو ما يمثل 41% من عدد أيام العام، فيما يعمل المعبر 22 يوما شهرياً، حيث يغلقه الجانب الإسرائيلي يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع كعطلة رسمية، وفي الأعياد والمناسبات الإسرائيلية، إضافة إلى الاغلاقات المتكررة بحجج أمنية واهية. ويوضح الطباع أن عام 2013 لم يشهد زيادة أو تحسناً في عدد الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبوسالم، بل شهد انخفاضاً ملحوظاً، نتيجة توقف الانشطة الاقتصادية، وزيادة معدلات البطالة والفقر، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى استمرار منع الجانب الاسرائيلي دخول العديد من السلع إلى القطاع. ويشير إلى أن عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة خلال عام 2013 بلغ 55 ألفاً و833 شاحنة، أما في عام 2012 فقد بلغ 57 ألفاً و441 شاحنة من مختلف الأصناف المسموح بدخولها إلى القطاع. ويؤكد الطباع أن إسرائيل استمرت خلال العام الماضي في سياستها المتبعة منذ فرض الحصار بمنع تصدير المنتجات الصناعية والزراعية من غزة إلى العالم الخارجي، كما منعت تسويقها في أسواق الضفة الغربية، وما تم تصديره من قطاع غزة خلال عام 2013 لا يمثل إلا القليل من المنتجات الزراعية التي تصدر إلى الأسواق الاوربية، مثل الفراولة والفلفل الرومي والطماطم، إذ بلغ عدد الشاحنات المصدرة من قطاع غزة 187 شاحنة، مقارنة بعام 2012 الذي شهد تصدير 234 شاحنة.

الأزمة المالية
ألقت الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية منذ سنوات بظلالها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة، حيث شهد عام 2013 تصاعداً غير مسبوق في الأزمة المالية، فتأخر صرف رواتب الموظفين الحكوميين، الأمر الذي تسبب في حالة من الركود التجاري والاقتصادي نتيجة لضعف القدرة الشرائية، وتراكم الالتزامات والديون على الموظفين. ويقول الطباع «بلغ الاحتياج الخارجي من الدعم 1.6 مليار دولار في عام 2013، بزيادة 500 مليون دولار عن ما كان متوقعاً، وأدى التراجع في الدعم الخارجي، وعدم التزام العديد من الدول المانحة بوعودها المالية إلى أزمة مالية كبيرة». ويضيف أنه «مع نهاية عام 2013 بلغ حجم العجز في موازنة السلطة نحو 550 مليون دولار، إضافة إلى أن الدين العام للسلطة لمصلحة البنوك المحلية والقطاع الفلسطيني الخاص والدين الخارجي طويل الاجل ارتفع من 2.3 مليار دولار في نهاية عام 2010 إلى 4.3 مليارات دولار في منتصف عام 2013، وهو ما يمثل 38% من إجمالي الناتج المحلي».

البطالة
تعد البطالة قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار في فلسطين، وتفاقم من الأوضاع الاقتصادية في غزة، فقد ارتفعت معدلات البطالة في فلسطين إلى 23.7%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل 275 ألف شخص في فلسطين خلال الربع الثالث لعام 2013. ويقول الطباع إن معدلات البطالة في غزة مع نهاية 2013 بلغت أكثر من 39%، فيما ارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى ما يزيد على 140 ألف شخص، وذلك بفعل استمرار الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
إغلاق الأنفاق
تلقى قطاع غزة خلال العام الماضي ضربة قاصمة نتيجة إغلاق الأنفاق الحدودية، وعدم فتح المعابر التجارية، ما تسبب في خسائر مباشرة لجميع الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة، بما يزيد على 500 مليون دولار خلال النصف الثاني من عام 2013. ويعد قطاع الإنشاءات، بحسب مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الفلسطينية في غزة ماهر الطباع، من أهم القطاعات التي تضررت وتوقفت بشكل كامل بفعل إغلاق الأنفاق، إذ كان يعتمد هذا القطاع بالدرجة الاولى على مواد البناء الواردة عبر الأنفاق، في ظل منع الاحتلال دخولها عبر المعبر الرسمي منذ فرض الحصار.
ويقول إن قطاع الإنشاءات في غزة من أكبر القطاعات المشغلة للعمالة، إذ يسهم بنسبة 27% من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يعادل 135 مليون دولار خلال الربع الثاني من عام 2013.
تشريد آلاف العائلات
أبى عام 2013 أن يودع أهل غزة إلا وأن يلحق بهم الأضرار والخسائر المادية، ففي ديسمبر الماضي تعرضت غزة لمنخفض جوي شديد، الذي عمق جراح المحاصرين، وكشف ضعف البنية التحتية والامكانات المتاحة للتعامل مع تلك الكوارث. وخلف المنخفض كارثة إنسانية كبيرة، نتيجة تشريد آلاف العائلات من منازلها التي غمرتها المياه، كما ألحق بالعديد من القطاعات خسائر فادحة تجاوزت 70 مليون دولار، كان النصيب الأكبر منها لأصاب القطاع الزراعي.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -