هل ستصل أزمة الرواتب لموظفي الأونروا؟!!


هل ستصل أزمة الرواتب لموظفي الأونروا؟!!

هل ستصل أزمة الرواتب لموظفي الأونروا؟!!
الأربعاء 4 ديسمبر 2013
جريدة الإقتصادية - غزة - محاسن أُصرف
أبو حسنة : أزمة الأونروا المالية متجددة والأسباب عدم وفاء العرب بالتزاماتهم المالية
عدوان : تراجع الدعم المالي غير مبرر .. ويُنذر بانصياع الأونروا لإرادة إسرائيل في تصفية قضية اللاجئين
الطباع : أزمة الأونروا المالية تُضاعف معاناة الفلسطينيين وتحرق جيوبهم فقرًا وبطالة
بدأ القلق ينتاب “أبو نضال ” (40 عامًا)  الذي يعمل مدرساً للرياضيات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” حين علم بإعلان “الأونروا” عن تفاقم أزمتها المالية لحد قد لا تستطيع معه دفع رواتب موظفيها في مختلف القطاعات.

ويؤكد أبو نضال أن عجز 36 مليون دولار في ميزانية الأونروا من شأنه أن يُحطم آمال الموظفين في الحصول على رواتبهم  بشكل مستمر وتأمين احتياجات أسرهم المتزايدة، ويقول :”أخشى أن يكون مصيرنا تمامًا كمصير موظفي الحكومة في غزة ورام الله تتأخر رواتبنا تارة ونتقاضاها مجزأة تارة أخرى، سيكون الوضع أسوأ مما هو عليه”.
ويتقاضى “أبو نضال” راتبًا يصل إلى 800 دولار أمريكي، ما يُعادل 2800 شيكل بالكاد يستطيع من خلاله توفير متطلبات أبنائه الأربعة ما بين مواصلات ورسوم دراسية وفواتير منزلية، بالإضافة إلى مساهمة مادية يُخصصها شهريًا لشقيقه العاطل عن العمل، يقول:”إن تأخرت رواتبنا أو جُزأت كيف سيكون الحال؟! سيؤثر ذلك سلبًا على حياتنا لن أستطيع توفير متطلبات أسرتي وأسرة شقيقي”.
ويتمنى الرجل أن يختلف الحال بين لحظٍة وضحاها ويُصرف رابته كاملًا في وقته المعهود، لكن الأخبار غير مبُشرة كما يقول، خاصة في ظل بدء إعلان موظفي الأونروا إضرابًا مفتوحًا في مناطق عملياتها بالضفة الغريبة، يخشى إذا دخل الموظفون في ردهة الإضرابات ألا يخرجوا منها بشيء إلا مزيدًا من المعاناة لهم ولأسرهم.
أزمة متجددة
وتُشير تصريحات لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية جفري فيلتمان إلى أن الأنروا إن لم تستطع حتى نهاية العام الحالي سد العجز في ميزانيتها والمقدر بـ 36 مليون دولار، فإنها لن تتمكن من دفع رواتب شهر ديسمبر لما يُقارب من 30 ألف مدرس يعملون في نطاق مدارسها ومديرات تعليمها.
ويُقر “عدنان أبو حسنة” المستشار الإعلامي لوكالة الغوث “الأونروا” في غزة بصحة الأنباء التي تُشير إلى معاناة الأونروا من أزمة مالية خانقة قد لا تتمكن معها دفع استحقاقات العاملين لديها في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى حرمان الأسر الفقيرة في غزة من مساعداتها الإغاثية سواء المالية أو الإغاثية.
وبيَّن في تصريحات خاصة بـ”الاقتصادية” أن الأزمة المالية لم تكن حديثة العهد على رئاسة الأونروا مؤكدًا أنها موجودة منذ تأسيس الأونروا إلا أنها تتجدد عامًا بعد عام بوتيرة أصعب لأسباب أهمها عدم إيفاء الدول العربية بالتزاماتهم المالية أمامها، كاشفًا أن الدول العربية تُساهم بقيمة 7.5% من ميزانية الأونروا إلا أنها لا تفي بها كاملًا فقط 3% ما تلتزم به سنويًا مما يُعطل تنفيذ خططها في مناطق عملياتها ومنها قطاع غزة.
استنزاف
ويُشير “أبو حسنة” إلى أن حالة الحروب والحصار التي يُعاني منها قطاع غزة ساهمت بشكل كبير في استنزاف ميزانية الأونروا وصولًا إلى حالة العجز التي أُعلن عنها مؤخرًا خاصة  الحربين التي شهدها القطاع خلال السنوات الأخيرة، وقال لـ”الاقتصادية” :” خلال حرب 2008 دفعت الأونروا أموالًا طائلة لتعويض 55 ألف أسرة في القطاع تضررت بيوتهم بالإضافة 8 آلاف أسرة تضررت بيوتها في حرب الأيام الثمانية”.
وتابع أن قطاع غزة يستهلك ما يُقارب من 40% من ميزانية الأونروا رغم أن عدد اللاجئين فيه لا يتجاوز 20% من الإجمالي العام لتعدادهم في العالم، كاشفًا أن عدد اللاجئين المستفيدين من خدمات الأونروا فق قطاع غزة تجاوز 830 ألف لاجئ في سابقة من نوعها في تاريخ الأونروا قائلًا:”هذا الرقم غير معقول على الإطلاق”.
قلق مستمر
ويُساور القلق “أم محمود” (38عامًا) موظفة بإحدى مؤسسات الأونروا بمدينة رفح، فبين حينٍ وآخر تصدر قرارات بتقليص الخدمات التي تؤديها الأونروا للمجتمع الفلسطيني مؤكدة أن ذلك ينعكس على حاجة الأونروا لموظفي الدوائر التي تُغلقها أو تٌلص خدماتها مما يعني تسريح موظفين في كل حين.
وتقول السيدة التي عملت في الأونروا مدة 5 سنوات : ” على مدار العامين الأخيرين لم أشعر بالأمان الوظيفي وأكثر من مرة كنا مهددون بإلغاء الدائرة التي أعمل بها والآن يزيدون همًا إلى همنا بالإعلان عن عدم القدرة على توفير رواتبنا على الأونروا أن تجد حلًا عاجلًا للحد من معاناتنا”.
يُذكر أن الأونروا ثاني أكبر مُشغل في الأراضي الفلسطينية بعد السلطة الوطنية الفلسطينية ما يُنبئ بكارثة اقتصادية خاصة في ظل زيادة الأعباء المالية لدى الموظفين تبعًا لتعدد التزاماتهم سواء لأسرهم أو ذويهم إذا ما علمنا أن نسبة كبيرة من موظفي الأونروا يُساعدوهم بالمال على سبيل الدين لحين تلقي رواتبهم التي يتقاضوها من السلطة أو الحكومة في غزة.
وتؤكد أم محمود أنه بعد هذه الموجة من التحذيرات والاستغاثات التي أطلقتها رئاسة الأونروا مؤخرًا سيكون الحال مشابهًا جدًا للمعاناة التي يمر بها موظفي القطاع الحكومي في رام الله وغزة منذ سنوات الحصار.
إلغاء دائرة التنمية
وأعلنت رئاسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” أنها تُخطط لإلغاء دائرة التنمية والتخطيط التابعة لها في قطاع غزة والتي تُقدم خدمات تمويلية لآلاف اللاجئين الفلسطينيين.
وفي المجال ذاته، أكد “أبو حسنة” أن القرار لا علاقة له بالأزمة المالية التي تُعاني منها الأونروا، وقال في حديثه لـ”الاقتصادية” :”  لقد تم اتخاذ القرار غير أن تطبيقه لم يتم وقد يستغرق تنفيذه ثلاث سنوات”.
وأوضح أن جملة من الإشكاليات القانونية في الأراضي الفلسطينية كانت تُعيق عمل الدائرة كـ إصرار سلطة النقد على ترخيص مؤسسات التمويل والإقراض إضافة إلى رفض المانحين تمويل الدائرة داخل الأونروا باعتبارها مؤسسة خاصة مما اقتضى التفكير في تحويلها إلى مؤسسة خاصة قائلًا:”القرار إيجابي وسيزيد فعالية المؤسسة وحصولها على تمويل أكبر، ونبَّه “أبو حسنة” إلى أن القرار لن يمس بأي موظف ولن يفقد أحدًا منهم وظيفته.
وتُعد دائرة التنمية والتخطيط بـ”الأونروا” من أحد الدوائر الإنتاجية إذ تُقدم خدمات التمويل لآلاف اللاجئين وفق نظام الإقراض الصغير والمتوسط ومن ثمَّ تحصدها مجددًا عبر نظام تسديد مريح، وتُسير معلومات الدائرة أن نسبة التسديد في القروض مرتفعة وناجحة جدًا إذا ما قورنت بنسبة التسديد في مؤسسات الإقراض المحلية والإقليمية.
وفيما يتعلق بإمكانية تأمين رواتب موظفي “الأونروا” أكد أبو حسنة أنهم يبذلون جهود كبيرة لتأمين كامل العجز الذي تُعاني منه الأونروا والبالغ 36 مليون دولار، وقال لنا:” متفائلون بحل أزمة الرواتب”، وطالب بضرورة رفع الحصار عن غزة والدول العربية بالتحرك العاجل لتسديد التزاماتها أمام الأونروا للمساهمة في الحل ولو جزئيًا في الوقت الحاضر – وفق تعبيره-
تعدد أسباب العجز
ويزيد د. عصام عدوان رئيس دائرة شئون اللاجئين في حركة “حماس” على ما ذكره “أبو حسنة” حول أسباب الأزمة المالية التي تشهدها الأونروا قائلًا:”لا تقتصر أسباب الأزمة المالية للأونروا على ضعف التمويل العربي أو عدم وفاء العرب بالتزاماتهم المالية في ميزانية الأونروا”.
وتابع في حديثٍ خاص مع “الاقتصادية” أن اتجاه بعض الممولين للأونروا بإيصال أموالهم إلى المناطق الأكثر كارثية في مناطق عمليات الأونروا الخمس سببًا، مؤكدًا أن الكثير من المانحين يدفعوا تبرعاتهم لصالح الأزمة السورية وما نتج عنها، وأضاف لنا سبب آخر متمثل في الضغوط التي تُمارسها إسرائيل على الأمم المتحدة وبعض الدول الغربية التي تُمول الأونروا من أجل الكف عن تمويلها بدعوى أن الدعم تمييز إيجابي لصالح الفلسطينيين من شأنه أن يُشجعهم على المضي قدمًا بتمسكهم أكثر بحقوقهم وقال:”تُريد الضغط عليهم بتقليص التمويل من أجل إنهاء قضية اللاجئين”، لافتًا إلى أن بعض الدول تجاوبت مع تلك الضغوط مثل كندا التي أوقفت تبرعاتها للأونروا.
وفي المجال ذاته أوضح عدوان أن أهم أسباب الأزمة المالية للأونروا يكمن في تقصيرها في البحث عن بدائل، مؤكدًا أنها كلما تعرضت لأزمة مالية تكتفي بمجرد الشكوى ولا تبحث عن بدائل، خاصة وأنها لا تجمع تبرعات من كل دول العالم فقط من عدد محدود يتراوح عددها بين 70 -80 دولة فقط وتتجاهل دول أخرى.
ولم يُقلل عدوان من أهمية سبب عدم التزام الدول العربية وغيرها من الدول الممولة للأونروا في تفاقم الأزمة المالية مؤكدًا أن عدم  الوفاء بالالتزامات يُركب عمل الأونروا ومن شأنه أن يُعطل خطتها التي تُبرمجها كل عام وفقًا لحجم الأموال القادمة إليها من الداعمين مُطالبًا كل دولة تعهدت بالتزامات مالية أمام الأونروا أن توفيها كاملة دون نقصان عاجلًا.
هدف سياسي
وحول توقعاته بإمكانية إنهاء عمليات الأونروا في قطاع غزة كنتيجة واقعية للأزمة المالية التي تُعانيها، قال “د. عدوان” : ” إن إنهاء عمليات الأونروا في غزة أو غيرها من مناطق عملياتها الخمس يجب ألا يُفهم أبدًا في سياق عدم وجود تمويل “، مؤكدًا أن تلك الذريعة بمثابة إخراج فني فقط للموضوع تُخفي مآرب سياسية بالانصياع لرغبة إسرائيل والدول التي ترفض الإقرار بوجود قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وقال لـ “الاقتصادية” : ” الأونروا هيئة دولية أُنشئت لتُدير نفسها بنفسها وتقصيرها في جمع التبرعات المطلوبة منها تقصير ذاتي لا علاقة له برغبات الدول”، مؤكدًا على ضرورة أن تفتح الأونروا آفاقًا جديدة للبحث عن بدائل في حال تعثر وصول أموال الدول المتعهدة بالتزاماتها لها وليس الإعلان عن وقف خدماتها وإلا فإن ذلك لا يُفسر إلا بأنها “انصاعت لرغبات الدول المعادية للشعب الفلسطيني والتي تُريد تصفية قضية اللاجئين”.
وفي سابقةٍ من نوعها، أكد  عدوان أن الجمعية العامة للأمم المتحدة عند إنشاء الأونروا قررت أن تصرف لها ميزانية من ميزانية الأمم المتحدة، متسائلًا لماذا لا تلجأ الأونروا كلما تعرضت لأزمة في تمويلها للأمم المتحدة وتطلب منها مساهمة؟!.
وتابع ” لقد حدثنا مدير عمليات الأونروا في غزة بذلك وكان جوابه أن الأمر صعب وغير ممكن”، واستمر يقول:”أعتقد أن ذلك لا يمكن أن يُفسر إلا بأنه تهرب من المسئولية وأن الأونروا لا تُريد أن توفر الاحتياجات وإذا ما أصرت على هذا الموقف فإنها تتواطأ مع الأهداف المعادية لشعبنا وقضية اللاجئين.
كارثة اقتصادية
من ناحيته، يُشير الخبير في الشأن الاقتصادي “د. ماهر الطبّاع” إلى التداعيات الاقتصادية للأزمة المالية التي تُعانيها الأونروا على الحالة العامة لقطاع غزة، مبيّنًا أنها تُضاعف المعاناة وتزيد من حالة الفقر ونسب البطالة التي لازمت سكان القطاع على مدار سنوات الحصار.
وقال في حديثه لـ”الاقتصادية” :”لا شك أن تخفيض الأونروا الأخير لحجم مساعداتها للأسر الفقيرة في غزة وإعلانها عدم التمكن من صرف موظفيها يشكل عبئًا إضافيًا”، مطالبًا بضرورة إيجاد بدائل سريعة بالإضافة إلى إيفاء الدول المانحة بتعهداتها المالية من خلال إيعاز الأمم المتحدة للدول المساهمة المنضوية تحت لوائها بتسديد التزاماتهم المالية التي تعهدوا بها للأونروا منذ إنشائها عام 1950.
وقال : ” إن عدم تدخل الأمم المتحدة الإيجابي حتى الآن في حل الأزمة المالية التي تُعانيها الأونروا المنضوية تحت لوائها كمؤسسة دولية لا يُفسر إلا بمساهمتها في التضييق على الفلسطينيين”، وعقب أنه في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي دخول إمدادات للأونروا سواء لتنفيذ مشاريعها في القطاع أو استمرار دعمها الإغاثي للفلسطينيين وعدم تحرك المم المتحدة لإنهاء ذلك بتنا أكثر تأكدًا أن الأمم المتحدة تُساهم في حصار غزة وتهدف إلى استمراره وحرق سكانها بالفقر والبطالة.
من جهة أخرى، نفي الخبير الاقتصادي الطباع أن يكون قرار رئاسة الأونروا بإغلاق دائرة التخطيط والتنمية انصياعًا للأزمة المالية التي كشفت عنها مؤخرًا، وقال لـ”الاقتصادية” :”أن القرار إداري بحت نتيجة لإصرار سلطة النقد الفلسطينية على ترخيص المؤسسات التمويلة .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -