قطاع غزة على شفا كارثة اقتصادية وانشائية وبيئية

الاحد 24 تشرين الثاني ( 20 محرم ) 2013 العدد 6484
قطاع غزة على شفا كارثة اقتصادية وانشائية وبيئية
حياة وسوق - حسن دوحان - "لقد تحولت حياتنا إلى جحيم جراء الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي".. بهذه الكلمات المقتضبة تلخص المواطنة فاطمة خليل من خان يونس معاناتها مع أسرتها جراء انقطاع الكهرباء.
وتقول: "انتظر بفارغ الصبر يوميا عودة التيار الكهربائي، لكي أقوم بالأعمال المنزلية، لكن دون جدوى، فعندما تأتي الكهرباء أكون في عملي وإذا جاءت ليلا أكون نائمة".
المواطنة خليل (34 عاما) تعمل ممرضة في مشفى مبارك بخان يونس ومتزوجة ولديها أربعة أبناء، وأصبحت لا تعرف تنظيم وقتها بين عملها وأسرتها نتيجة أزمة انقطاع التيار الكهربائي وتقول: "لقد باتت مشاكلي في قطاع غزة متعلقة بكي ملابس المدارس وتسخين الطعام وتحضيره والغسيل والطهي وغير ذلك". 
معاناة المواطنة خليل ليست حالة فريدة من نوعها، وإنما هي جزء من معاناة أهالي قطاع غزة جراء انقطاع التيار الكهربائي.
وتتعدد مصادر الطاقة الكهربائية في قطاع غزة، فجزء منها تنتجها محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، والجزء الآخر يتم توريده من قبل سلطات الاحتلال، وخط التغذية القادم من جمهورية مصر العربية.
ومع توقف محطة توليد الكهرباء نتيجة رفض الحكومة المقالة شراء السولار الصناعي عبر السلطة الوطنية رغم تخفيض قيمة ضريبتها للنصف تفاقمت أزمة الكهرباء ووصلت مناحي الحياة إلى حد الكارثة، وحسب مركز الميزان لحقوق الإنسان تزود محطة توليد الكهرباء قطاع غزة بنحو (100) ميغا وات، بينما يتم شراء (120) ميغا وات من الجانب الإسرائيلي، واستيراد (27) ميغا وات من مصر.
تقدر الاحتياجات الفعلية للتيار الكهربائي في قطاع غزة بأكثر من (350) ميغا وات، بينما المتوفر منها بعد توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل نحو 150 ميغا وات.
وتحتاج محطة توليد الكهرباء (360) ألف لتر من السولار يوميا لتشغيلها، أي (90) ألف لتر من السولار هو حجم استهلاك المولد الواحد اليومي من أصل أربع مولدات، وأدى توقف المحطة عن العمل إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل والمنشآت الحيوية لـ (18) ساعة يوميا، حيث أصبح نظام العمل بتوصيل الكهرباء لمدة (6) ساعات يوميا.
ويقول الطالب في الثانوية العامة مصطفى يوسف "أشعر بقلق شديد بسبب انقطاع الكهرباء بشكل متكرر ولساعات طويلة، ونتيجة ارتفاع أسعار البنزين لم يعد أهلي يشغلون المولد الكهربائي كثيرا، لذلك بت أخاف أن يؤثر كل ذلك على تحصيلي في الثانوية العامة، وهي بالنسبة لي مرحلة مهمة وخطيرة وهذا ما يدفعني للدراسة على ضوء الجوال أو الشمع".

مولدات وحافظات
ونتيجة الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي، باتت الأسر في قطاع غزة مضطرة لفتح مجال لمصروفات جديدة تتعلق بشراء المولدات والبنزين لها، أو البطاريات لحفظ الكهرباء التي يبلغ سعرها نحو 2000 شيقل، وهو ما تؤكده جواهر شلال (55 عاما) وتقول: "يسبب انقطاع التيار الكهربائي إلى شلل تام في كافة مناحي الحياة فكل شيء يتوقف تقريبا (الثلاجة، الغسالة وكافة الأجهزة الموجودة في البيت)، وهذا دفعني إلى تغيير أنماط حياتي التي تعودت عليها من سنين، فأنا لا أستطيع شراء حاجاتنا المنزلية بشكل أسبوعي كما كان الوضع في السابق وأصبحنا نتسوق كل يوم بيومه، ليس لقلة الدخل وإنما بسبب الخوف من فساد الأطعمة".
أما المواطن عماد رشيد الذي يسكن في أحد الأبراج السكنية في النصيرات فيسرد قصة معاناته مع انقطاع الكهرباء قائلا: "عندما تقطن الطابق الثامن وتنقطع الكهرباء ترى الحياة بالألوان وأنت تصعد الدرج". ويضيف: "لا تقتصر معاناتنا عند هذا الحد، فانقطاع الكهرباء يعني عدم وصول الماء إلى الخزانات"، مشيرا إلى أن "انقطاع الماء أسوأ بكثير من انقطاع الكهرباء، وبتنا لا نحتمل العيش من دون كهرباء لكننا قطعا لن نستطيع العيش من دون ماء وهذا يدفعني إلى شراء المياه المعدنية أو المكررة ورفعها على الأكتاف للدور الثامن، فالوضع صعب على الجميع وأتمنى أن تنتهي أزمة الكهرباء بشكل نهائي".
واضطر المواطن محمد مصطفى (44 عاما) من رفح ولديه 8 أفراد ويسكن في شقة سكنية مساحتها لا تزيد عن 120 مترا للاستدانة من أحد أصدقائه حتى يتمكن من شراء مولد كهربائي يستطيع من خلاله إضاءة البيت. ويقول محمد: "نحن الآن نعيش داخل مصنع ملوث بالضجيج والغازات السامة وهذا أثر بشكل كبير على صحتي وحالتي النفسية، فقد أصبحت أعاني من صداع متواصل".
وتسبب انقطاع التيار الكهربائي منذ بداية العام 2012 بوفاة (16) مواطنا حرقا بينهم (14) طفلا وسيدة واحدة، وإصابة (9) بحروق بينهم (5) أطفال.

المرضى
وتعرض عدد من المرضى في قطاع غزة الى معاناة مضاعفة جراء انقطاع التيار الكهربائي، كما حدث مع المريض بالقلب خالد سلامة (43 عاما) من رفح الذي اضطر للوقوف أكثر من ساعة في الشارع بانتظار سيارة تقله من المستشفى الذي ذهب اليه لإجراء فحوصات دورية إلى منزله، ونتيجة حالة الإرهاق التي أصابته اضطر أنجاله لنقله إلى المستشفى مرة أخرى.
ويتساءل سلامة: أين الرحمة؟!، لقد تحولت حياتنا إلى معاناة وآلام من أجل السلطة والمال، يجب أن يتم وضع حد للاستهتار بأرواح الناس، لقد تعودنا على الكهرباء وربطنا حياتنا بها، والآن لا كهرباء. وشدد سلامة على ضرورة درء الخلافات جانبا من أجل مصلحة المواطن.
ويحذر مركز الميزان لحقوق الإنسان من توقف (88) جهازا لغسيل الكلى عن العمل حارما (476) مريضا بالفشل الكلوي من إجراء عملية الغسل الكلوي التي يحتاجونها (3-4) مرات أسبوعيا، وتوقف(45) غرفة عمليات، و(11) غرفة لعمليات الولادة القيصرية، وتوقف(113) حضانة للأطفال الخدج، وتهديد حياة المرضى في أقسام عناية القلب والقلب المفتوح وقسطرة القلب، ممن يتطلب وضعهم الصحي عناية فائقة في هذه الخدمة النوعية.
وسيؤدي انقطاع التيار الكهربائي الى توقف (5) بنوك دم مركزية ومختبرات الصحة العامة وثلاجات تطعيمات الأطفال وثلاجات الأدوية الحساسة والعنايات المكثفة وأقسام الطوارئ والأشعة التشخيصية المختلفة ومراكز الجراحات التخصصية وجراحة الأوعية الدموية والمخ والأعصاب والعيون والعظام وجراحة المناظير، وتعطل عمل المغسلة ما يؤدي إلى تراكم الغسيل وانتشار الأمراض المعدية، كما سيتوقف عمل محطات الأوكسجين إذا استمرت الأزمة، وستتفاقم معاناة مرضى الأزمات التنفسية المزمنة كمرضى الربو، حيث ان هؤلاء المرضى بحاجة إلى أجهزة خاصة تعمل بالتيار الكهربائي، كجهاز التبخير وأجهزة استخلاص الأوكسجين لمساعدتهم في التنفس. كما ستتفاقم معاناة الأطفال من حالات الشلل الدماغي الذين هم بحاجة مستمرة لاستخدام أجهزة شفط الإفرازات.
وسيتعرض مخزون الأدوية الاستراتيجي المخزن في المستشفيات إلى التلف، حيث ستنعدم إمكانية حفظ الأدوية بالطرق المناسبة. والأمر نفسه فيما يتعلق بالصيدليات الخاصة التي تقوم ببيع الأدوية الطبية، وتحتفظ بأنواع محددة من الأدوية بحاجة إلى تخزين في ظروف ودرجات حرارة مناسبة، ما يهدد هذه الأدوية بالتلف. ويؤكد الناطق باسم وزارة الصحة بالحكومة المقالة أشرف القدرة أن توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل يحمل في طياته انعكاسات سلبية على قطاع الخدمات العامة المقدمة للمواطنين بكافة أشكالها وفي طليعتها قطاع الخدمات الصحية، معتبرا أن الأزمة الحالية تنذر بمرحلة قاسية من الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة للعام السابع على التوالي. وبين أن معدل استهلاك المستشفيات من الوقود ارتفع خلال الأزمة الحالية من 240 ألف لتر شهريا إلى أكثر من 900 ألف لتر في ظل أزمة نقص الوقود بفعل إغلاق الأنفاق.

المصانع
ومع تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، توقفت معظم الورش والمصانع عن العمل وانضم العاملون فيها إلى طوابير البطالة.
العامل زكي شباب من رفح يقول: "لقد تم تسريحي من العمل جراء انقطاع التيار الكهربائي، وقال لنا صاحب العمل ألا نأتي إلى مصنع الطوب الذي نعمل فيه لأنه لا يستطيع تشغيلنا، وهو محق لأنه أصبح يدفع يوميات دون أي عائد".
ويقول المواطن صبحي عبد الفتاح صاحب محل لبيع الآيس كريم والمعجنات: "تعتبر الكهرباء أساس عملنا، منذ توقف محطة توليد الكهرباء وتطبيق الجدول الظالم الجديد أوقفت العمل في المحل لأن التكلفة باهظة اذا قمت بتشغيل المولد الكهربائي، وطبعا هذا يؤثر بشكل سلبي على عملي ومصدر رزقي، فأنا بحاجة إلى ثلاجات تبريد تعتمد على الكهرباء للحفاظ على الآيس كريم إلا أن انقطاع الكهرباء يعمل على إتلافها وضياع الكثير من الأموال".

توقف عمل 100 مصنع خياطة
وأكدت النقابة العامة لعمال الخياطة والغزل والنسيج توقف 100 مصنع للخياطة والغزل والنسيج عن العمل بشكل كامل جراء أزمة الوقود والكهرباء واستمرار تشديد الخناق، وهذا أدى إلى تعطل 1000 عامل عن عملهم.
وقال رئيس النقابة محمد حمدان: "بعد دخول كميات من الأقمشة ومستلزمات الخياطة إلى أسواق غزة عبر الأنفاق، ساهمت بعودة أكثر من 100 مصنع من مصانع الخياطة إلى أعمالها وذلك من أصل نحو 900 مصنع متعطلة عن العمل منذ فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة".
وبين حمدان أن نشاط المصانع المئة لا يتجاوز
20 % من قدرتها الإنتاجية الفعلية، منوها إلى أنها استطاعت تشغيل نحو 1000 عامل من أصل 20 ألف عامل متعطلين منذ فرض الحصار.
ويتكبد الاقتصاد في قطاع غزة، الذي يعاني أداؤه من ضعف شديد، خسائر فادحة بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية وارتفاع أسعاره، إذ ان انقطاع الكهرباء يؤدي إلى رفع تكلفة الإنتاج، وخفض الطاقة الإنتاجية للمصانع، وإتلاف العديد من المنتجات، خاصة في مجال الصناعات الغذائية، إضافة إلى تكاليف صيانة الماكينات والآلات والأجهزة الالكترونية، نتيجة تكرار الأعطال الناشئة عن عدم انتظام التيار الكهربائي. كما يتسبب في قلة الحركة التجارية ليلا، إضافة إلى الأعباء المالية الإضافية التي يتحملها أصحاب المحال التجارية نتيجة شراء السولار وصيانة المولدات.
ويؤكد رئيس اتحاد الصناعات الغذائية في غزة تيسير الصفدي ان انقطاع التيار الكهربائي له تأثير على الصناعة والتجارة، فعدد كبير من المصانع تعتمد على الكهرباء مثل قطاع المطاحن والحلويات والمشروبات، وصاحب المصنع لا ينتفع من فترة قدوم الكهرباء، وتكلفة الإنتاج أصبحت مضاعفة لثلاثة أسباب هي ارتفاع أسعار المواد البترولية المستخدمة في تشغيل المولدات الكهربائية، وانخفاض عدد ساعات التشغيل، والآن المصانع الغذائية تعمل بثلث طاقتها الإنتاجية، والبضائع المستوردة هي التي تغطي العجز في الكميات المعروضة.
ويوضح أن مشروع حماية المنتج الوطني الذي حقق نجاحا كبيرا بات مهددا مع ارتفاع سعر تكلفة الإنتاج عن البضائع المستوردة، وهذا يعني كسادا وبطالة وعدم توفير فرص عمل.
ويتكون اتحاد الصناعات الغذائية في قطاع غزة من 280 مصنعا، منها ثمانية مطاحن، وثمانية مصانع مشروبات غازية، وعدد كبير من مصانع المعكرونة والحلويات، ونتيجة انقطاع التيار الكهربائي توقف نحو 900 عامل عن العمل من أصل أكثر 1800 عامل في هذا القطاع.

3900 مصنع توقفت عن العمل
ويوضح رئيس جمعية رجال الأعمال رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية علي الحايك أن 12 قطاعا صناعيا تضررت نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، كما ارتفعت نسبة المواطنين العاطلين عن العمل، مشيرا إلى أن أخطر تأثير لانقطاع التيار الكهربائي هو التأثير على لقمة العيش الخاصة بالمواطن. ويقول الحايك: "كافة الأعمال والأرزاق أصبحت مرتبطة بالكهرباء، وكافة المصانع في قطاع غزة توقفت عن العمل نتيجة الحصار".
ويؤكد ان الحصار تسبب في تدمير كامل الصناعات المحلية بإدخالها في غرفة العناية المركزة، والآن بسبب انقطاع الكهرباء دخلت الصناعات المحلية في حالة موت كامل.
وانتقد الحايك بشدة محطة توليد الكهرباء.
ويقول الحايك:هناك تشريد لعشرات الآلاف من العمال في مجالات المقاولات والأنفاق والصناعات الإنشائية وكافة الصناعات، نحو مئة ألف عامل انضموا لصفوف البطالة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي. وحذر من حدوث كارثة اقتصادية وإنشائية. ودعا الحايك الرئيس محمود عباس للتدخل وإعادة توريد السولار الصناعي لقطاع غزة وفق التوافق الذي تم بتدخل القطاع الخاص توريده لقطاع غزة من دون ضريبة "البلو".
وقال الحايك: "نحن نقدر الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطينة ولكن إعفاء غزة من ضريبة البلو لا يسبب أي أزمات بل بالعكس فان السماح بإدخال السولار الصناعي مع ضريبة الـ 18 % سيشكل دخلا لها، وهناك دخل أيضا من مشتقات البترول التي باتت تدخل عبر السلطة وليس كما كان سابقا عبر الأنفاق".
ويضيف الحايك: "محطة توليد الكهرباء تلبي الحد الأدنى من الحياة الكريمة لأهل غزة، من خلال توفير جزء من كميات الكهرباء اللازمة لتشغيل المصانع وإنارة المنازل". ويوجد في قطاع غزة 3900 مصنع، توقفت عن العمل.

أزمة بيئية
وحذرت عدة مؤسسات عاملة في غزة من حدوث كارثة بيئية في القطاع جراء نقص الوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي.
ويصل عدد آبار المياه في قطاع غزة إلى 200 بئر تديرها البلديات، تعتمد 90% منها على التيار الكهربائي لضخ المياه للسكان، ومع انقطاع التيار وشح الوقود اللازم لتشغيل المولدات تدنت إمدادات المياه التي تصل للسكان بشكل خطير، وحتى في حال تم ضح المياه لمنازل المواطنين فانهم لن يستطيعوا ايصالها لطوابقهم العليا بسبب انقطاع التيار، وعليه فقد انخفضت حصة الفرد اليومية من المياه من 80 لترا يوميا إلى حوالي 40، بينما نصيب الفرد كما توصي به منظمة الصحة العالمية يجب أن لا يقل عن 150 لتر يوميا.
ويصل عدد محطات التحلية الموجودة في قطاع غزة إلى 9 محطات تنتج حوالي 5500 متر مكعب يوميا، لكن انتاجها أصبح لا يتعدى 2500 متر مكعب يوميا، وفي حال استمرت الأزمة ستتوقف هذه المحطات عن العمل وإمداد المواطنين بالمياه.
وتسبب انقطاع التيار الكهربائي وشح الوقود بحدوث أضرار بيئية خطيرة، نتيجة توقف عملية معالجة مياه الصرف الصحي وضخها إلى مياه البحر دون معالجة. كما أدى ذلك إلى توقف عدد من محطات ضخ مياه الصرف الصحي وبالتالي طفحت هذه المياه إلى الشوارع محدثة مكاره صحية كبيرة حسب مركز الميزان لحقوق الإنسان.

محاولات لتصدير الأزمة
ويقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع: "بعد سبع سنوات من المعاناة المتواصلة لأكثر من مليون وثمانيمئة ألف مواطن يعيشون في قطاع غزة , أصبح من الضروري إيجاد حل جذري وشامل لأزمة الكهرباء التي مست بحقوق المواطنين وأثرت بالسلب على كافة مناحي حياتهم". وكانت السلطة الوطنية قررت خصم 50% من ضريبة "البلو" المفروضة على الوقود المورد إلى شركة كهرباء قطاع غزة، وبررت قرار إعادة فرض هذه الضريبة إلى الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها، وبموجب القرار سيصبح سعر لتر السولار الصناعي 5.7 شيقل للتر الواحد بدلا من 4.2 شيقل.
وتعيش سلطة الطاقة بالحكومة المقالة حالة من الإرباك وتناقض المقترحات لإمداد قطاع غزة بالكهرباء، فتارة تتحدث عن مقترح غير عملي بأن يتم جلب السولار الصناعي عن طريق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" من دون ضرائب، وتارة أخرى يتم الحديث عن موافقة إسرائيلية على إمداد قطاع غزة بالكهرباء بأموال قطرية.
بدوره يقول المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في غزة عدنان أبو حسنة لـ "حياة وسوق" ان "بعض الجهات توجهت لنا بصورة غير رسمية، بطلب للمساعدة في ملف حل أزمة الكهرباء، وأبدينا استعدادنا للمساعدة حسب امكانياتنا، فنحن منذ 64 عاما نخدم قطاع اللاجئين الفلسطينيين، ومن هذا المنطلق أبدينا استعدادنا للمساعدة، لكن لا توجد أي تطورات في هذا الملف".
وكشف عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين محمود خلف أن حركة حماس وافقت على مقترح لشراء الكهرباء من الجانب الإسرائيلي بقدرة (100 ميغا وات) لتجاوز الأزمة الراهنة. ويقول: "حماس أبلغتنا قبولها بذلك المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل أيضا", لافتاً إلى أن ذلك المقترح ما زال قيد البحث حيث طلبت إسرائيل ضمانات وكفلاء لضمان تسديد حماس ثمن الكهرباء التي تستهلكها.
وأوضح أن المقترحات والأفكار طرحتها الفصائل خلال اجتماع مع سلطة الطاقة بالحكومة المقالة وشركة توزيع الكهرباء ومحطة توليد الكهرباء تمثلت في مقترحات عاجلة منها رفع ضريبة البلو من قبل السلطة وتوريد السولار الصناعي كما كان قبل الأزمة, إضافة إلى الحديث مع المصريين لمد محطة توليد الكهرباء بخط غاز كي تتمكن المحطة من العمل على الغاز الطبيعي لحل الأزمة.
أما المقترحات الجذرية حسب خلف فإنها تتمثل في مشروع الربط الثماني للكهرباء أو تشغيل خط 161 القادم من إسرائيل، والذي يمد قطاع غزة بـ "100" ميغا وات" الأمر الذي يعمل على حل جزء كبير من أزمة الكهرباء.
والى أن يتم إيجاد حل جذري لأزمة الكهرباء المتصاعدة منذ عشر سنوات في قطاع غزة، سيبقى نحو مليون وثمانيمئة ألف مواطن يدفعون ثمن الحصار والانقسام من أرواحهم وقوتهم.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -