استمرار إغلاق الأنفاق والمعابر سيؤدى إلى كارثة انسانية واجتماعية خطيرة في غزة


استمرار إغلاق الأنفاق والمعابر سيؤدى إلى كارثة انسانية واجتماعية خطيرة في غزة 
2013-09-26
 غزة-القدس الاقتصادي – اسلام أبو الهوى- لا تخلو مجالس المثقفين والمتابعين للشأن الفلسطيني من حديث يومي عن الأثر الكبير الذي سيخلفه قرار مصر بإغلاق الانفاق الممتدة بين أراضيها وأراضي قطاع غزة.

ويجمع غالبية الناس أن آثارا سلبية وكارثية ستكون واضحة الملامح خلال الأيام والشهور المقبلة خاصة بعد ان تنفذ الكميات المخزنة من البضائع والأصناف التي كانت ترد من غزة عبر الأنفاق.

ويميل المتخصصون الاقتصاديون إلى حساب كمية الأموال التي سيخسرها قطاع غزة بشكل يومي جراء هذا الإغلاق لدرجة أن احد المثقفين توقع أن تتأثر حكومة غزة التي كان تجنى ضرائب كبيرة من الأنفاق بهذا الإغلاق، مؤكدا أن حكومة حماس كانت تقدم رواتب شهرية لنحو 30 ألف موظف من عائدات ضرائب الأنفاق وهو رقم غير بسيط في حسبة التجارة والاقتصاد الغزي الذي لا يرتبط بعلاقات قوية بالاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية.

وزيارة قصيرة إلى منطقة الأنفاق في رفح تشعرك بالخراب والدمار الذي حل بأمراء الأنفاق الذين اغتنوا لسنوات طويلة من خلال عملهم في تهريب البضائع والمواد الأساسية بعيدا عن مبررات وجود هذه الأنفاق من عدمه إلا أن الجميع يعترف أن أياما سوداء تنتظر قطاع غزة إن لم تبادر الأطراف المعنية إلى ايجاد حلول دائمة لإغلاق الانفاق يمكن من خلالها ضمان تدفق البضائع من مصر أو من الأراضي المحتلة عام 48 إلى قطاع غزة الذي يعتمد بشكل كبير على هذه الأنفاق.

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور معين رجب إن قطاع غزة يتأثر كثيرا بأي تغيرات داخلية أو خارجية وأن التغييرات على المستوى الخارجي تؤثر بشكل مباشر على كافة شرائح المجتمع الغزي لأن قطاع غزة يعتمد على العالم الخارجي في الحصول على غالبية احتياجاته وذلك عن طريق الأنفاق أو معبر كرم أبو سالم.

وبين رجب أنه يجري حاليا تدمير الأنفاق جميعها ما سيحدث اختناقات في الاحتياجات الأساسية للمواطن والتي نتج عنها قلة المعروض وارتفاع الأسعار والضحية هو المواطن، لافتا إلى أن أكثر المواطنين تأثرا هم ذوو الدخل المتدني الذين أصلا في كثير من الأحيان لا يستطيعون أن يلبوا احتياجاتهم الضرورية.

وأضاف:" أن ما حدث من تطورات في مصر له أثر سلب على كافة مناحي الحياة من إنتاج ونمو اقتصادي وتشغيل أيد عاملة إلى جانب تأثيره على الأسواق ما خلق حالة من الاحتكار وظهور الأسواق السوداء ومحصلة ذلك هو الإضرار بالمواطن والنمو الاقتصادي والانعكاس السلبي على كافة مناحي الحياة.

وأشار إلى الاختناقات التي تحدث في حركة تنقل الأفراد والمعاناة الشديدة إلا لمن يحملون الإقامات، منوها إلى أن الكثير من أصحاب الحاجة الضرورية للسفر تضرروا جراء هذه الأزمة منهم من ضاع الفصل الدراسي ومنهم من تتدهور صحته بسبب حاجته للعلاج خارج القطاع .

وأوضح أن الوضع يزداد سوءا بحكم الاختناقات القائمة على الحدود المصرية، متمنيا أن تكون طارئة ومقتصرة على وقت معين وأن تنحسر هذه الإعاقات حتى يعود العمل لتدفق المواد والاحتياجات لقطاع غزة.

وبين رجب أن المطلوب من الجهات الرسمية هو جهد كبير في طرق كل الأبواب وتكثيف الاتصالات خاصة مع الإخوة في الجانب المصري رغم الأوضاع غير الطبيعية ولكن استمرار الضغط والتواصل أمر مهم لكي يتسنى الحصول على نتيجة، لافتا إلى جهد القطاع الخاص عن طريق علاقاته في مصر إلى جانب دور المواطنين في تحمل مسؤولياتهم من خلال ترشيد الاستهلاك وعدم الافراط في تخزين السلع الاستهلاكية حتى لا تتكرس الأزمة.

وتحدث رجب عن دور الجميع في تحمل المسؤولية إلى جانب دور الحكومة في إدارة هذه الأزمة القاتلة، مؤكدا على دور الجهات المعنية في الحكومة في غزة بإدارة الأزمة بشكل جيد والعمل مستقبلا على أن يكون لدى القطاع مخزون احتياطي استراتيجي من السلع الرئيسية كالوقود خاصة في ظل الأزمة القائمة في الوقود، لافتا إلى أن الدول الأجنبية لديها دائما مخزون احتياطي يكفي لمدة 6 أشهر، مؤكدا أن القطاع بحاجة ماسة إلى مثل هذا الإجراء.

من جهة أخرى، قال الدكتور ماهر الطباع إن الحصار مفروض على قطاع غزة منذ أكثر من ست سنوات وتحديدا من منتصف 2007 حتى تاريخنا هذا وأن الأحداث الجارية في مصر ستعيد القطاع إلى المربع الأول لما كان عليه من تخنيق وحصار جائر.

واستعرض الطباع مراحل الحصار على قطاع غزة حيث بدأت المرحلة الأولى من منتصف شهر حزيران عام 2007 إلى نهاية كانون الثاني 2008 وكانت هذه المرحلة سيئة جدا حيث حدد الجانب الاسرائيلي عدد السلع الأساسية بـ30 سلعة يتم ادخالها إلى القطاع تكاد تكفي للحفاظ على الحياة في القطاع .

وأضاف: في نهاية كانون الثاني 2008 تم فتح الجدار مع مصر وبدأت الأوضاع بالتحسن حيث تم إدخال البضائع عن طريق الأنفاق وبدأت ظاهرة الأنفاق تطفو على السطح، لافتا إلى أن تكلفة النقل كانت مرتفعة جدا حيث وصل تكلفة الطن  إلى حوالي  7000دولار امريكي وبالرغم من تدفق البضائع إلا أنه كان يوجد نقص شديد في احتياجات القطاع ومن ثم أصبح يدخل الكثير من السلع وعاد انتعاش القطاع.

وتابع الطباع :" المرحلة الثانية في الحصار على قطاع غزة بدأت من أحداث سفينة مرمرة في شهر حزيران 2010 وكان لها تأثير إيجابي نتيجة الضغوطات الدولية ما دفع بإسرائيل إلى  تجميل الحصار بفتح معبر كرم أبو سالم ولكن بوضع قائمة من الممنوعات والمسموحات وأصبح إدخال الشاحنات من 10 شاحنات يوميا إلى حوالي 250-300 شاحنة ومع ذلك لا تفي أيضا باحتياجات القطاع لأنه بحاجة إلى المزيد.

ولفت إلى أنه بعد سماح الجانب الإسرائيلي بإدخال البضائع عبره خف الضغط على الأنفاق وأصبح ما يرد عبر الأنفاق فقط ما هو ممنوع أن يرد عبر معبر كرم أبو سالم  إلى جانب انخفاض سعر تكلفة نقل البضائع من 7000 دولار إلى 25 دولار امريكي فقط .

وأوضح أن إغلاق الأنفاق بسبب الأحداث المصرية ودون إيجاد بديل لإدخال مواد البناء أصاب قطاع الإنشاء بالشلل الكامل إلى جانب الخسائر الجسيمة لكثير من المقاولين الذين تأخروا عن تسليم عطاءاتهم، مشيرا إلى أن القطاع شهد في العامين الماضيين طفرة عمرانية ساهمت في اخفاض معدلات البطالة والنمو الاقتصادي.

وطالب الطباع المؤسسات الدولية واللجنة الرباعية  وطواقم المفاوضات بأن تقوم بدورها بالضغط على اسرائيل لفتح معبر كرم أبو سالم لدخول كافة البضائع دون لوائح ممنوعات والانتهاء من الأنفاق غير الشرعية التي اضطر إليها القطاع، مؤكدا على أن فتح المعابر هو حق أساسي لقطاع غزة.
http://www.aliqtisadi.ps/atemplate.php?id=409


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -