سبع سنوات وعمال غزة مازالوا يتذوقون مرارة الحصار

سبع سنوات وعمال غزة مازالوا يتذوقون مرارة الحصار
30-4-2013 | 21:48
د. ماهر تيسير الطباع  - يصادف يوم 1/5 من كل عام عيد العمال العالمي فيحتفل العمال بجميع أنحاء العالم بهذا العيد وذلك للفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم نظير جهودهم المبذولة في العمل، بينما يستقبل عمال قطاع غزة هذه المناسبة العالمية بمزيد من الفقر وارتفاع البطالة وغلاء المعيشة ومعاناة متفاقمة. 
فهم لا يجدون شئ ليحتفلوا به فحالهم وما يمرون به على مدار 13 عاما لا يسر عدو ولا حبيب، فبدئا بانتفاضة الأقصى عام 2000 مرورا بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتشريد آلاف العمال مما كانوا يعملون في منطقة ايرز الصناعية، وصولا إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ سبع سنوات ختاما بالحروب والهجمات العسكرية المتكررة على قطاع غزة وما تبعها من تدمير للعديد من المنشآت الاقتصادية، كلها ساهمت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتدهور أوضاع العمال. 

حيث أدت الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص وبشكل كبير جدا منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحصار الاقتصادي علي قطاع غزة وبدأت تنتهج سياسة إغلاق المعابر التجارية ومعابر الأفراد بشكل مستمر ومنعت العمال الفلسطينيين والبالغ عددهم في ذلك الوقت ما يزيد عن 40 ألف عامل من التوجه إلي أعمالهم داخل الخط الأخضر. 

وبدأ يتقلص عدد العمال داخل الخط الأخضر تدريجيا إلي أن وصل في يومنا هذا إلى الصفر، وفقد قطاع غزة دخل يومي هام جدا من أجور العمال اليومية والتي كانت تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي الفلسطيني على مدار سنوات عديدة. 

وبعد الانسحاب الإسرائيلي من محافظات غزة في عام 2005 انضم أكثر من 8000 عامل جديد إلي قوافل البطالة ممن كانوا يعملون في المستوطنات ومنطقة ايرز الصناعية حيث بلغ عدد العاملين في المستوطنات 3500 عامل في المجالات المختلفة " بناء وزراعة وبلغ عدد العاملين في المنطقة الصناعية ايرز بحوالي 4500 عامل فلسطيني يعملون في 191 مصنعا وورشة ومطعم. 

وسعت إسرائيل منذ زمن للاستغناء عن العمال من قطاع غزة واستجلاب العمالة الأجنبية، حيث صرح شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي بتاريخ 12/4/2005 أي قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة" في العام 2008 لن يدخل فلسطينيون من قطاع غزة إلى إسرائيل للعمل فيها وسيضطرون إلى إيجاد أماكن عمل لأنفسهم داخل مناطق السلطة الفلسطينية" وجاءت تلك التصريحات أثناء قيامة بجولة تفقدية للقوات الإسرائيلية قبل الانسحاب من قطاع غزة. 

وتفاقمت أزمة البطالة والفقر نتيجة استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سبع سنوات وارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل جنوني نتيجة توقف الحياة الاقتصادية بالكامل، وتجاوزت معدلات البطالة في بعض الفترات 55% ومعدل الفقر 80% في قطاع غزة وأصبح معظم السكان بما يزيد عن 80% يعتمدون علي المساعدات الإنسانية المقدمة من الاونروا وبرنامج الغذاء العالمي والجمعيات الخيرية والاغاثية العربية والإسلامية. 

وتشير الإحصاءات الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني حسب نتائج مسح القوى العاملة لدورة الربع الرابع لعام 2012 أن ما يقارب من 121 ألف عامل فلسطيني عاطلين عن العمل نتيجة إغلاق المعابر والحصار المفروض علي قطاع غزة والتي أدى إلي توقف الحياة الاقتصادية بشكل كامل وحرمان هؤلاء العمال من أعمالهم. 

ووفقاً للتعريف الموسع للبطالة ووفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية فقد بلغت نسبة الأفراد الذين لا يعملون (سواءً كانوا يبحثون عن عمل أو لا يبحثون عن عمل) 32.2 % في قطاع غزة حسب نتائج مسح القوى العاملة دورة الربع الرابع لعام 2012، كما ارتفعت نسب البطالة بين الخريجين ممن يحملون شهادة الدبلوم والبكالوريوس لتصل إلى 57.5 % في كافة التخصصات. 

وتذبذبت معدلات البطالة في قطاع غزة بين الهبوط النسبي البسيط والارتفاع خلال سنوات الحصار في المجمل العام وفي الأنشطة الاقتصادية المختلفة وذلك طبقا لحالة حركة المعابر التجارية ودخول الواردات. 

ويعتبر عام 2008 الأسوأ في ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة حيث بلغت نسبة البطالة 40.8%، وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني بلغ عدد العاطلين عن العمل حسب تعريف منظمة العمل الدولية حوالي 153 ألف عامل. 

كما يعتبر عام 2011 الأفضل في انخفاض معدلات البطالة في قطاع غزة حيث بلغت نسبة البطالة 28.7%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 108 ألف عامل. 

وشهد عامي 2012,2011 ارتفاع نسبة العاملين في مجال الإنشاءات، حيث ارتفعت النسبة إلى 6%، 6.3 % من إجمالي القوى العاملة في قطاع غزة، وجاء الارتفاع في نسبة العاملين في مجال الإنشاءات نتيجة لحركة البنيان الواسعة للعمارات السكنية الذي يشهدها قطاع غزة بفعل انخفاض أسعار مواد البناء الواردة عبر الإنفاق لتصل إلى الأسعار الرسمية الواردة من المعابر الرسمية في حال سمحت إسرائيل بدخولها, هذا بالإضافة إلى تنفيذ بعض المشاريع الممولة محليا والممولة من المؤسسات الدولية والمؤسسات العربية والإسلامية المتضامنة مع قطاع غزة. 

كما شهد عامي 2009,2008 انخفاض حاد بنسبة العاملين في مجال الإنشاءاتذحيث انخفضت النسبة إلى أقل من 1% من إجمالي القوى العاملة في قطاع غزة، وذلك نتيجة منع الجانب الإسرائيلي دخول كافة مواد البناء( الاسمنت – الحديد – الحصمة ) إلى قطاع غزة، وارتفاع أسعار مواد البناء الواردة عبر الأنفاق حيث بلغ ثمن طن الاسمنت 4500 شيكل في حينه. 

ويعتبر قطاع الخدمات المشغل الأساسي للعاملين في قطاع غزة، حيث بلغت نسبة العاملين في هذا القطاع 54.3% من حجم القوى العاملة خلال عام 2012، يليه قطاع التجارة والفنادق والمطاعم بنسبة 17.2%. 

والآن وبعد سبع سنوات من الحصار والحروب المتتالية، حان الوقت لإيجاد حلول جذرية لقضية العمال والبطالة المرتفعة في محافظات غزة، فيجب مناشدة المنظمات الدولية والعربية والإسلامية للنظر إلي عمال محافظات غزة والعمل الجاد على الحد من انتشار البطالة والفقر، والمطالبة بالبدء بوضع برامج إغاثة عاجلة للعمال كذلك وضع الخطط اللازمة لإعادة تأهيل العمالة الفلسطينية. 

حيث أن جميع العاملين في كافة القطاعات الاقتصادية المختلفة فقدوا المهارات المكتسبة والخبرات نتيجة التوقف عن العمل وهم بحاجة إلى إعادة تأهيل مكثفة للعودة للعمل من جديد، كما يجب العمل على فتح أسواق العمل العربية للعمال الفلسطينيين ضمن ضوابط ومحددات بحيث يتم استيعاب العمال ضمن عقود لفترة محددة. 
د. ماهر تيسير الطباع 
خبير ومحلل اقتصادي


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -