مهنة الخياطة في غزة ... من الازدهار إلى الدمار

مهنة الخياطة في غزة ... من الازدهار إلى الدمار  

غزة- وفا- يجلس إياد المعصوابي خلف ماكينة الخياطة في محله الصغير بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة لإصلاح قطع ملابس لمواطنين مقابل أجر مادي بســـــيط يساهم في التغلب على مصاعب الحياة.
المعصوابي لجأ إلى هذا العمل بعدما فقد عمله في مهنة الخياطة، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ خمسة أعوام.
وقال المعصوابي (38 عاماً): 'عملت في مهنة الخياطة لمدة 20 عاماً مقابل أجر مادي جيد في تلك الفترة، لكن خلال الانتفاضة انقلب الوضع وتوقفت معظم مصانع الخياطة عن العمل.'
وأضاف وهو يحيك قطعة قماش: 'بحثت عن عمل لكن دون جدوى... ما اضطرني لفتح محل صغير لإصلاح الملابس لإعالة أسرتي المكونة من سبعة أفراد'. ويُحصّل في نهاية يومه كما يقول مبلغا ماليا جيدا يساعده على توفير متطلبات أسرته.
وكانت مهنة الخياطة شهدت ازدهارا كبيرا خلال فترة الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، ما جعلها من أكثر الصناعات التي تدر أرباحا على أصحابها والعاملين فيها، لكن الحصار والإغلاق أصابها في مقتل.
حال المعصوابي يعتبر أفضل بكثير من حال عاهد أبو غين الذي فقد عمله في الخياطة منذ عشرة أعوام وهو الآن يبيع السجائر.
وقال أبو غبن (26 عاما): 'كنت أتقاضي 100 شيكل يوميا أثناء عملي كخياط، لكني أحصل اليوم بالكاد على 20 شيكلا من بيع السجائر'.
وأكد 'أنه لجأ إلى بيع السجائر بعد أن سدت جميع أبواب الرزق في وجهه'، لافتا إلى ما يعانيه من مصاعب خلال عمله كبائع للسجائر. وتمنى أن يعود لمهنة الخياطة مجدها السابق ليعمل في صنعته الأصلية التي ستوفر له ولأسرته حياة كريمة.
بدوره، شدد صالح عايش نائب رئيس اتحاد أصحاب مصانع الخياطة في قطاع غزة، على أن قطاع صناعة الملابس من أكثر القطاعات الإنتاجية في قطاع عزة تضرراً، خاصة في ظل الحصار والإغلاق.
وبيّن أن قطاع غزة كان يصدر نحو أربعة ملايين قطعة من الملابس المختلفة شهريا إلى إسرائيل والخارج، وقال: 'أصبحنا نستورد الملابس من الخارج بعد أن كنا مصدرا هاما للتصدير."
وأشار عايش إلى أن عدد المصانع المسجلة لدى اتحاد مصانع الخياطة بلغ في عام 2001 حوالي 980 مصنعاً، لكن نتيجة الظروف القاسية التي يمر بها قطاع غزة والإغلاقات المتكررة، فقد تراجع هذا العدد من المصانع بحيث يبلغ عدد الأعضاء المسجلين 560 عضواً.
وأوضح أن عدد العاملين في صناعة الملابس ومكملاتها مثل: الصباغة والغسيل بلغ في عام 2000 حوالي 35 ألف عامل، لكن كان يعمل قبل الإغلاق والحصار الحالي للقطاع حوالي 14 ألف عامل فقط، بمعنى أن لدينا أكثر من عشرين ألف عامل عاطلين عن العمل، أما الآن فقد أغلقت معظم المصانع الباقية أبوابها بسبب عدم إدخال الأقمشة والمواد الخام اللازمة لصناعة الملابس.
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، قطاع الخياطة من أكبر القطاعات الصناعية في قطاع غزة في الفترة السابقة، مؤكدا تكبده لخسائر فادحة نتيجة الإغلاق والحصار.
وبيّن الطباع أن آلاف العمال كانوا يعملون في مهنة الخياطة ما بين خياطة وكوي وصبغة، منوها إلى أن أكثر من 90% من مصانع الخياطة في القطاع مغلقة وأن ماكيناتها تحتاج إلى صيانة وقطع غيار لتوقفها عن العمل لفترة طويلة جدا.
وأضاف أن بعض أصحاب مصانع الخياطة ممن أوضاعهم المالية جيدة ذهبوا للاستثمار في مشاريع تجارية أخرى، بينما انضم آلاف من عمال الخياطة إلى جيش البطالة.
واقترح الطباع إيجاد أسواق بديلة للسوق الإسرائيلية إذا أردنا لقطاع الخياطة أن يسترد عافيته من جديد، خاصة التركيز على عمقنا العربي في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها بعض الدول العربية.
ووفقاً للخبير الاقتصادي فإن نسبة البطالة في قطاع غزة انخفضت حاليا إلى 28% جراء الحركة العمرانية النشطة المعتمدة على مواد البناء المهربة عبر الأنفاق الأرضية جنوب القطاع.

 http://www.alquds.com/news/article/view/id/327695#.UUbbIjfKemN

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -