بدء مشاريع الإعمار.. وتهاوي الأسواق.. وأزمة مالية تخنق السلطة

بدء مشاريع الإعمار.. وتهاوي الأسواق.. وأزمة مالية تخنق السلطة 

الأحد, 30 ديسمبر, 2012, 17:49 بتوقيت القدس

غزة- نرمين ساق الله

يمضي عام 2012م على وقع عثرات اقتصادية فلسطينية متعددة شهدها الاقتصاد الفلسطيني ولم ترَ آفاق النور, بعض هذه العثرات تراكمية من سنوات سابقة، وأبرزها الحصار على غزة واستمرار أزمة الكهرباء, إضافة إلى اشتداد الأزمة المالية, وشن الاحتلال (الإسرائيلي) حربًا شديدة دمر خلالها أجزاء من مفاصل الاقتصاد.

وأشار مختصان في الشأن الاقتصادي إلى أن الاقتصاد الفلسطيني شهد خلال عام 2012م مزيدًا من العقبات التي وقفت أمامه، ومنعته من تحقيق معدل نمو أعلى من عام 2011م, إضافة إلى تحمله مزيدًا من التراكمات الاقتصادية.

وأكد المختصان، في حديثين منفصلين لـ"فلسطين"، أنه لا آفاق لحل الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية, وأن هذه الأزمة ستنتقل للعام 2013م مع اشتدادها، خاصة إن لم تفعل شبكة الأمان العربية التي أعلن تأسيسها بحوالي 100 مليون دولار شهريًّا.


عثرات متتالية

المحلل الاقتصادي د.ماهر الطباع أكد أن الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2012م مر بعثرات متتالية، من أهمها: استمرار فرض الحصار على قطاع غزة, واستمرار أزمة الكهرباء بتبعاتها المختلفة, إضافة إلى اشتداد الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية, وتكبد القطاع خسائر مالية نتيجة حرب الأيام الثمانية التي شنت على القطاع.

وأوضح، في حديث لـ"فلسطين"، أن الاقتصاد لا يزال يعاني من سياسة الحصار الممتد منذ أكثر من 6 سنوات, إضافة إلى زيادة الهجمات (الإسرائيلية) على غزة.

وأشار الطباع إلى مجموعة من الأحداث الاقتصادية التي مرت على الأراضي الفلسطينية، أهمها إزالة الاحتلال لمعبر المنطار بشكل نهائي؛ حتى لا يخضع المعبر في المستقبل لأي مفاوضات لإعادة فتحه, وتكريس معبر وحيد لإدخال البضائع.

وأضاف: "إن إغلاق المعبر ساهم في تكريس الحصار, وإغلاق المعابر التجارية ما عدا معبر "أبو سالم" أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة", مشيرًا إلى بلوغ نسبة البطالة في الربع الثالث من عام 2012م حوالي 31.9%.

وتابع: "الأوضاع الاقتصادية في القطاع تحسنت بعد تخفيف الحصار، ودخول مواد البناء عبر الأنفاق، خاصة قطاع الإنشاءات, إلا أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة وبشكل يومي منذ 6 سنوات زادت من معاناة المواطنين، وأثرت بالسلب على القطاعات الإنتاجية، وأهمها قطاع الصناعة الذي يعتمد على الكهرباء بشكل كبير".

ولفت الطباع إلى أن تعثر السلطة على الصعيد المالي الذي أدى إلى عدم قدرتها على توفير الرواتب يعد من أشد العثرات الاقتصادية التي عانها الاقتصاد خلال عام 2012م, منوهًا إلى أن الأزمة وصلت إلى طريق مسدود، بعد اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين دولة بصفة مراقب.

وبين أن الاعتراف الأممي ترتب عليه حجز حكومة الاحتلال الأموالَ الخاصة بالضرائب والجمارك، ما أدى إلى تراجع القطاعات الاقتصادية عامة، ودخول الأسواق الفلسطينية في حالة من الركود التجاري؛ نتيجة ضعف القوة الشرائية, وتراكم الالتزامات على الموظفين.

ونوه الطباع إلى أن الاحتلال (الإسرائيلي) مازال يشدد سياسة الخنق المالي، ويفرض قيودًا على دخول أنواع العملات كافة لقطاع غزة، ما ساهم في أزمة خانقة في السيولة النقدية, تسببت في إرباك العمل المصرفي، ما أدى إلى العديد من المشاكل بين البنوك والمواطنين.

وعلى صعيد المواقف الاقتصادية الإيجابية, أوضح أن عام 2012م شهد انطلاق أول مشاريع الإعمار العربية، من خلال إطلاق قطر مجموعة من المشاريع التي رصد لها ما يزيد على 400 مليون دولار، ومن المتوقع أن يكون لهذه المشاريع خلال المدة القادمة أثر إيجابي على الاقتصاد في قطاع غزة، من خلال خفض نسب البطالة المرتفعة.


ركود اقتصادي

من جانبه أكد المحلل الاقتصادي د.مازن العجلة أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تراجع أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2012م مقارنة بالعام السابق 2011م, مبينًا أن المؤشرات توضح ارتفاع معدلي البطالة والفقر.

وأوضح، في حديث لـ"فلسطين"، أن الاقتصاد بصفة عامة خلال العام الحالي تميز بزيادة حجم الركود الاقتصادي؛ بسبب انخفاض المساعدات المالية التي كانت تقدم للسلطة الفلسطينية من الدول الأوربية وأمريكا، والدول العربية.

وأشار إلى أنه معدل النمو ارتفع خلال العام، إلا أن نسبته أقل من العام السابق, مبينًا أن عام 2011م كان أقل شدة من عام 2012م، رغم بداية الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية فيه, وأنها في الوقت الحالي أثرت سلبًا على القطاعات الاقتصادية كافة، خاصة أن أفق حلها مسدود.

وأضاف العجلة: "إن الأزمة المالية العاصفة أدت إلى عجز كبير في موازنة السلطة الفلسطينية, وحدت من قدرة السلطة على دفع الرواتب والاقتراض من البنوك المحلية, وأن انخفاض المساعدات الدولية وضع السلطة أمام مشكلة مستعصية لا حل سريعًا لها".

وتابع: "إن شبكة الأمان العربية التي أعلنت لدعم السلطة الفلسطينية بعد التوجه إلى الأمم المتحدة عام 2012م لا تسد احتياجات السلطة المالية؛ لأن ما رصد هو حوالي 100 مليون دولار، وهذا المبلغ لا يفي بفاتورة رواتب الموظفين".

وبين العجلة أن المشاريع القطرية التي أعلن تنفيذها وأطلقت في قطاع غزة لن يظهر أثرها على الصعيد الاقتصادي هذا العام, إنما في العام القادم، إذ سيبدأ التنفيذ الفعلي لها بعد انتهاء التصميمات والرسومات الهندسية الخاصة بها.

وتوقع أن تنتقل الأزمة المالية للسلطة إلى العام القادم؛ لأنها بالدرجة الأولى أزمة سياسية.

يشار إلى أن الحكومة في غزة قدرت نسبة الخسائر المادية الإجمالية التي تكبدها القطاع خلال الحرب الأخيرة في تشرين الثاني الماضي بقرابة مليار و200 مليون دولار، توزعت على القطاعات المختلفة.

أما على صعيد الأزمة المالية فإنه حسب إحصائيات رسمية: النفقات الشهرية للسلطة الفلسطينية تفوق مبلغ 300 مليون دولار، ولا تزيد إيراداتها على 150 أو160 مليون دولار, لذلك تواجه السلطة أزمة في صرف فاتورة الرواتب بداية كل شهر.

يذكر أن مركز الإحصاء الفلسطيني أشار إلى أن عدد العاطلين عن العمل _حسب تعريف منظمة العمل الدولية_ بلغ حوالي 120 ألف شخص خلال الربع الثالث من عام 2012م بنسبة 31.9% , أي بزيادة بحوالي 3.5% عن نتائج الربع الثاني من عام 2012م التي بلغت 28.4%، ومن المتوقع ارتفاعها في الربع الرابع من عام 2012م؛ نتيجة تداعيات الحرب الأخيرة على غزة, وارتفعت نسب البطالة بين الخريجين ممن يحملون شهادة (الدبلوم) أو (البكالوريوس) لتصل إلى 57.5 % في التخصصات كافة.

يضاف إلى ذلك خسائر الكهرباء المباشرة وغير المباشرة التي قدرتها شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة بحوالي 13.2 مليون دولار, وتسببت الحرب بوقوع أضرار كبيرة على أجزاء متعددة من شبكات التوزيع للضغط العالي, وبلغ إجمالي الخسائر غير المباشرة حوالي 7.7 مليون دولار؛ نتيجة تأثر قطاعات التحصيل والخدمات.

أما الآثار الإيجابية على الاقتصاد الفلسطيني خلال عام 2012م فتمثلت في البدء الفعلي بإعادة إعمار قطاع غزة بتمويل من دولة قطر, التي رصدت حوالي 407 ملايين دولار لإعادة الإعمار, وسيمتد أثر تلك المشاريع إلى حوالي 3 أعوام سيشهد القطاع خلالها انتعاشًا في العمران، وتشغيل عدد كبير من الأيدي العاطلة عن العمل، إضافة إلى الخريجين الجامعيين.

فلسطين أون لاين

http://felesteen.ps/details/news/83876/بدء-مشاريع-الإعمار-وتهاوي-الأسواق-وأزمة-مالية-تخنق-السلطة.html
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -